بين الفريضة والتقصير.. ما حكم ترك صلاة الجمعة في المسجد؟
في ظل تسارع نمط الحياة وتعدد الانشغالات، يتغافل بعض الناس عن أداء صلاة الجمعة في المسجد، رغم مكانتها الخاصة في الإسلام، هذا السلوك يثير تساؤلات شرعية حول حكم ترك صلاة الجمعة، خاصة إذا كان ذلك دون عذر شرعي، وما يترتب عليه من آثار دينية وأخلاقية.
صلاة الجمعة ليست مجرد صلاة جماعية أسبوعية، بل هي فريضة عينية على كل مسلم بالغ عاقل مقيم، كما أجمع على ذلك علماء الأمة، وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]، وهو نص صريح في وجوب السعي إلى المسجد لأداء هذه الصلاة، وترك كل ما يشغل عنها من تجارة أو عمل.
حكم ترك صلاة الجمعة في المسجد
اتفق جمهور الفقهاء على أن ترك صلاة الجمعة في المسجد دون عذر شرعي يُعد إثمًا ومعصية، وقد وردت في ذلك أحاديث نبوية شديدة اللهجة، منها قول سيدنا محمد ﷺ:
«لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين» [رواه مسلم].
وهذا الحديث يدل على خطورة التهاون في أداء صلاة الجمعة، وأن الاستمرار في تركها قد يؤدي إلى قسوة القلب والبعد عن الهداية.
من يُعذر في ترك الجمعة؟
حدد الفقهاء الأعذار التي تبيح ترك صلاة الجمعة، ومنها: المرض الذي يصعب معه الذهاب إلى المسجد، أو الخوف من ضرر مؤكد، أو السفر، أو انشغال في عمل ضروري لا يمكن تركه. أما من يتخلف عنها تكاسلًا أو لانشغاله بأمور دنيوية غير ضرورية، فلا يُعد معذورًا شرعًا.
الآثار الاجتماعية والدينية للتقصير
ترك صلاة الجمعة لا يؤثر فقط على العلاقة بين العبد وربه، بل ينعكس أيضًا على تماسك المجتمع، إذ تُعد خطبة الجمعة منبرًا للتوعية والتوجيه، وغياب الفرد عنها يُفقده فرصة التواصل الروحي والفكري مع جماعة المسلمين.
في ضوء هذه الأحكام، يُدعى المسلمون إلى مراجعة أنفسهم والحرص على أداء صلاة الجمعة في المسجد، لما فيها من أجر عظيم وتأكيد للانتماء إلى الجماعة. كما يُحث الأئمة والدعاة على توعية الناس بخطورة التهاون في هذه الفريضة، وتقديم نماذج محفزة للالتزام بها.



