"الخط الأصفر".. خطة إسرائيلية لبناء مستوطنات في غزة وتحقيق نكبة جديدة
لم يعد لون الخط الأصفر في قطاع غزة، مجرد إشارة تحذير، بل بات علامة فاصلة بين الحياة والموت، وبين حلم العودة وواقع النكبة المتجددة، حيث إن الخط الأصفر الذي وضعته قوات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع بعد اتفاق وقف إطلاق النار، تحول من إجراء مؤقت إلى حدود ميدانية ترسم مستقبلًا قاتمًا للفلسطينيين.
بحسب صحيفة الجارديان البريطانية، بدأت إسرائيل في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق عبر نصب علامات خرسانية صفراء كل 200 متر، لتحديد المنطقة المتبقية تحت سيطرتها، ومع مرور الوقت، أخذ هذا الخط يقسم غزة فعليًا إلى نصفين على النحو التالي:
- النصف الغربي: تسعى حماس فيه إلى إعادة فرض سيطرتها بعد الانسحاب الإسرائيلي الجزئي، عبر تنفيذ إعدامات علنية لأعضاء فصائل منافسة تزعم أنها مدعومة من إسرائيل.
- النصف الشرقي: تكرّس فيه إسرائيل وجودها العسكري، وتطلق النار على كل من يقترب من العلامات الصفراء، سواء كانت مرئية أم لا.
وجاءت سياسة "إطلاق النار الحر" التي فرضها وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس جاءت بعد مقتل جنديين في رفح في 19 أكتوبر، لتجعل الاقتراب من الخط الأصفر مخاطرة قاتلة، وبعد أسبوعين من الهدنة، يستشهد في غزة أكثر من 20 فلسطينيًا يوميًا في المتوسط، كثير منهم على مقربة من هذا الخط، مما يفسر بطء عودة النازحين إلى مناطقهم.

جمود المرحلة الثانية من اتفاق غزة
وتواجه المرحلة الثانية من الاتفاق، التي يفترض أن تشمل نزع سلاح حماس ونشر قوة استقرار دولية وانسحاب إسرائيل من الخط الأصفر، جمودًا سياسيًا حادًا، خصوصًا مع رفض اليمين الإسرائيلي أي انسحاب إضافي، ومع هذا التعثر، باتت وسائل الإعلام العبرية تصف الخط الأصفر بأنه الحدود الجديدة.
وكتب المراسل العسكري يوآف زيتون في صحيفة يديعوت أحرونوت كتب مؤخرًا أن الخط سيتحول إلى حاجز عال ومتطور يقلص مساحة غزة ويوسّع النقب الغربي، تمهيدًا لبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة هناك".
أما جيريمي كونينديك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية والمسؤول الأمريكي السابق، فقال إن ما يجري يبدو كأنه ضم تدريجي فعلي لغزة تحت السيادة الإسرائيلية.

وتشير تقديرات وقف إطلاق النار إلى أن إسرائيل تسيطر فعليًا على 53% من مساحة القطاع، لكن تحقيقًا أجرته بي بي سي عبر صور الأقمار الصناعية كشف أن العلامات الصفراء أقيمت على بعد مئات الأمتار داخل الأراضي الفلسطينية، ما يعني استيلاءً إضافيًا على الأرض.
وفي غياب تعليق رسمي على تقرير بي بي سي، اكتفى جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقول إن العمل جار على تحديد الخط الأصفر بحاجز خرساني مطلي باللون الأصفر بارتفاع 3.5 أمتار لتوفير وضوح تكتيكي على الأرض".
لكن الوضوح المقصود لم يجلب سوى واقع مظلم، خيث يعيش معظم سكان غزة الآن في نصفها الغربي المدمر، وسط أنقاض حرب استمرت عامين.



