مستشار شيخ الأزهر: لدينا 28 ألف وافد و«المنظمة» صلة علم لاتنقطع |حوار

الدكتور عبدالدايم نصير مستشار شيخ الأزهر العلمي لـ «نيوز رووم»:
- «خريجي الأزهر» جزء من صلة علم لا تنقطع مع الوافدين.
- لدينا 28 ألف طالب وطالبة من مختلف بلاد العالم يدرسون في الداخل.
- الإرهاب أصبح وظيفة ووسيلة للتكسب ونمكن الطلاب والخريجين من التصدي له.
- متحف الأزهر للمسجد الأقصى وتاريخه يهدف للتذكير بما عشناه.
التقى موقع «نيوز رووم» الدكتور عبدالدايم نصير المستشار العلمي للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والأمين العام لمنظمة خريجي الأزهر، حيث تناول في حديثه دور الأزهر في القضية الفلسطينية ودعم الطلاب الوافدين.
«نصير» الذي أُعلن قبل أيام عن تعيينه بمجلس الشيوخ 2025، شدد على قيام الأزهر الشريف وإمامه الأكبر على الدور المنوط به في خدمة المسلمين وقضاياهم وفي القلب منها قضية فلسطين، وعمله على نشر وإرساء دعائم الإسلام الوسطي بإعداد كوادر من الدعاة الذين يحملون صحيح الدين وقادرين على مواجهة تحديات العصر وفي مقدمتها الإرهاب، وإلى نص الحوار..

التعليم الأزهري ورابطة الخريجين
في البداية.. نود نبذة مختصرة عن عدد الطلاب الوافدين وعلاقتهم بالأزهر؟
الأزهر الشريف دأب على استقبال الطلاب الوافدين من شتى أنحاء العالم، حيث تتمثل هذه الفكرة التاريخية في الأروقة التي خصصت للطلاب القادمين من مناطق مختلفة مثل الشوام والأفارقة والمغاربة وغيرها، وهذه كانت بداية استقبال الطلاب الوافدين.
في العصر الحديث، تمددت جامعة الأزهر بشكل كبير جدًا، فأصبح لديها ما يقرب من 28 ألف طالب وطالبة من مختلف بلاد العالم وهؤلاء هم فقط من يدرسون هنا، بينما تخرج منها ملايين الأشخاص عبر التاريخ ويصعب حصرهم بالتحديد، خاصة وأن فكرة المؤسسة لم تكن حاضرة ففي الثلاثينيات فقط أنشأت الكليات، لذا غابت فكرة قوائم الطلاب وأسمائهم وبلادهم، وكانت المؤسسة تقوم على الشيخ (شيخ العمود).
شيخ العمود هو من يجيز تلميذه بخط يده فيما يُسمى بالإجازة، سواء إجازة في القرآن الكريم أو الحديث أو الفقه الحنفي أو الشافعي وغيرهما، لذا كنت أتمنى وما زلت أحلم أن يكون لدينا سجل لجميع الخريجين؛ فكم علينا أن نتخيل حب الناس وفخرهم واعتزازهم بأن أجداده من خريجي الأزهر.

.. ماذا عن المنظمة العالمية لخريجي الأزهر ودورها؟
تأسست المنظمة العالمية لخريجي الأزهر؛ إيمانًا وقناعة من الأزهر بأن دوره لا ينتهي بتخريج الطلاب بل لابد من وجود كيانات قوية تربط هؤلاء الخريجين حتى لا تنقطع الصلة أو رحم العلم هذا مع حصول الطالب على الشهادة الجامعية.
وجاءت المنظمة كضرورة في ظل أمرين، أولهما: المستجدات والتحديات الفكرية أو السياسية وغيرها، وبالتالي يحتاج الإنسان لمن يتناصح معه خاصة ممن يثق بهم في المسائل والقضايا التي تستجد وتطرأ.
الأمر الثاني: هناك أزمات تواجه الخريجين منها البحث عن فرص عمل مناسبة فحين يعودون إلى بلدانهم؛ فبعض الدول لا تُخصص وظائف للأئمة أو الدعاة أو المدرسين، مما يضع الخريجين في موقف صعب. لذا تقوم المنظمة على مواجهة هذه المشكلة بعد اعترافنا بوجودها وتمكينه من آليات تساعده على العمل في بلده.
.. ما هي آليات تأهيل الخريجين لمواكبة العصر ومستجداته؟
نحن ندرك تمامًا أن طبيعة العمل والوظائف تغيرت، وأن هناك مهارات أصبحت موجودة ومطلوبة، فقبل أعوام كانت معرفة الكمبيوتر أمور ثانوية، اليوم أصبحت كالقراءة والكتابة والجهل بها أصبحت أمية وجهل، وأصبحت التكنولوجيا هي السائدة في جميع الوظائف.
وتعمل المنظمة على مواجهة هذه التحديات عبر تقديم دورات تدريبية لتعزيز المهارات العملية بجانب الدراسة الشرعية، إذ أصبح اكتساب المهارات التقنية ضرورة ملحة في سوق العمل اليوم. كما تسعى لتقديم حلول مبتكرة لمساعدة الخريجين على الحصول على وظائف تناسب تخصصاتهم.
قضايا التعليم واللغة العربية
.. ماذا عن التعليم عن بعد؟
في 2009، وجدنا أن قضية التعليم فيها كثير من التطورات وبدأت العديد من الجامعات تبث برامجها التعليمية عبر الإنترنت فيما يعرف (التعليم عن بعد)، ووسط غياب الإمكانيات بجامعة الأزهر فقامت المنظمة بتبني المشروع وتمويله وتقديم الدعم الفني فيما تقوم الجامعة بالجانب الأكاديمي، واليوم نجد ردود الأفعال من الطلاب الوافدين ونعمل على التوسع به.

.. مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ما أهميته بالنسبة للوافدين؟
كلفنا من جانب الجامعة بإدارة مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية، وهذا المركز تم إبان عهد الدكتور أحمد الطيب كرئيسا للجامعة وكنت وقتئذ نائبا له، وقد بدأ بتمويل من جمعية الشيخ زايد الخيرية؛ ولم تتمكن الجامعة وقتها من إيجاد التمويل اللازم لأعضاء هيئة التدريس، فتم تكليف المنظمة بإدارته.
وقد أفادت الطالب الوافد الذي يأتي ولا يجيد اللغة العربية وبالتالي يضيع سنوات من عمره في الرسوب حتى يتمكن من اتقانها،ورغم ذلك نجد بعض الأزمات المتعلقة بقيام بعض أعضاء التدريس في الجامعة باستخدام بعض المفردات العامية وهو ما يشكل صعوبة أمام الطالب الوافد الذي تم تأهيله باللغة الفصحى.
لكنه على الأقل يستطيع القراءة والفهم، مازلنا نطور في أدائنا ونقوم بإعادة تأهيل المركز وتوفير قاعات دراسة مكيفة، السبورة الذكية، إتاحة الإنترنت لاستخدامه في التدريس.

مواجهة الإرهاب
.. التعاطي مع المشاكل المختلفة ومنها تحدي الإرهاب على سبيل المثال في إفريقيا، كيف يتم؟
المنظمة تهتم بمساعدة الطلاب الوافدين من مختلف المناطق المضطربة مثل الساحل والصحراء (الدول المطلة على بحيرة تشاد)، ونلتقي ببعضهم ونقوم بدراسة أسباب انتشار الجماعات الإرهابية وكيف استطاعت أن تجند هذا الكم الهائل من الأفراد، وما هي الطبيعية الاقتصادية التي جعلتهم يستطيعون من خلالها تحويل هذه الدولة أو هذه المدن أو القرى لمناطق نزاع مسلح وغيره.
فقد أصبح الإرهاب وظيفة ووسيلة للتكسب وبالتالي نقوم بتمكين الطلاب والخريجين من التصدي للأفكار المتطرفة وتقديم رؤية صحيحة للإسلام السمح الذي يدعم الحضارة والتعايش، فالإسلام صنع حضارة عظيمة جدًا ومن غير المقبول أن يستمر موسومًا بالإرهاب والتخريب، وهذه الحضارة لا تقوم إلا بالعلم كأحد مقومات الحضارة.
.. كيف تجد دور الأزهر من خلال الجامعة والمنظمة في دعم الوافدين؟
الأزهر يهتم اليوم بتحقيق التكامل بين خريجيه حيث الجمع بين العلم والمهارة فتقوم الجامعة بدورها في ترسيخ العلم فيما تستكمل المنظمة دورها في تنمية المهارات، إلى جانب تذليل العقبات أمامهم ومنها التحديات المتعلقة بالجانب المادي الذي يشكل صعوبة كبيرة لدى الطبقة المتعثرة.
وفي إطار المسابقات والجوائز وجدنا أن لها دور كبير جدًا، وبالتالي نقوم على رعاية الطلاب الوافدين منذ الصغر على قراءة وحفظ القرآن الكريم وإتقانه وتدبره بشكل صحيح، وهناك أصوات حسنة كثيرة ومبهرة منها موهبة الطفل صاحب الخمسة أعوام، كذلك مسابقات في المقال والشعر، فهي تعبر عما يكون داخلهم وتنمي مهاراتهم بشكل كبير.

القضية الفلسطينية
.. هل أحداث السابع من أكتوبر هي سبب تفاقم القضية الفلسطينية اليوم؟
بغض النظر عن تقيم أحداث السابع من أكتوبر؛ إلا أنها وضعت القضية الفلسطينية على المنصة، ومع اختلاف البعض فيما أحدثته من تكلفة يراونها كبيرة من حيث الضحايا، في مقابل من يجدها أيقظت القضية.
.. ماذا عن القضية الفلسطينية وتأثيرها على أفكار وأطروحات الوافدين؟
«المشكلة ليست فينا» بقدر ما هي في الآخر، الذي يريد تطبيق رؤيته ويجد الفرصة سانحة لتطبيقها؛ فإما السيطرة على المناطق المجاورة له تحت شعار من النيل للفرات وهو الحلم الذي لطالما رواد الفكر الصهيوني.
كما أن كثير من الغرب يرى إسرائيل مشروعة ومؤيد ولا يريد التفريط فيها، لكن مع تجاوزها للحدود وجدنا الدول التاريخية التي كانت معها وأصل مثل إنجلترا وفرنسا ودول أوروبية أخرى، اليوم تتخذ مواقف يدل على أنها غير مؤيدة على طول الخط، لكن عندما تتعرض إسرائيل للخطر سيقفون إلى جانبها.
.. وكيف تجد دعم الأزهر للقضية واتهام البعض له بالتقصير؟
بالنسبة للأزهر، فإنه لا يملك إلا الرأي والتأثير المعنوي، وهذا التأثير كان ظاهراً بشكل واضح في الاجتماعات التي عُقدت، سواء على مستوى الدول الإسلامية أو العربية والإسلامية أو غيرها، وكان حضوره أيضا فيما يتعلق بالرأي والبيانات واضحاً للغاية، وهذا هو الدور الذي يمكن الإقرار به.
وهذه القضية فيها جانب إسلامي إضافة للجانب القومي، والأزهر حاليًا يعد متحفًا للمسجد الأقصى وتاريخه، فالأزهر يتبنى هذه الفكرة لأن كثير من الأجيال الجديدة لم تعش قصة فلسطين كما عشناها نحن، حيث عديد من الأسر فقدت الخال والعم والأب والابن خلال حروب فلسطين فلم يخلو بيتًا مصريًا من جرح شخصي خلال الصراع العربي الإسرائيلي أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والأجيال الجديدة قد لا تدرك هذا.
.. ماذا عن الطلاب الوافدين؟
بالنسبة للطلاب، فجميعم من المسلمين والقضية فيها جانب إسلامي وقومي، ومن الطبيعي أن تكون محورًا لاهتمامهم والتساؤل ونحن نوضح لهم في إطار منهجية الأزهر في الدفاع عن هذه القضية التي تحمل في طياتها قضية إسلامية وقومية.