غياب غامض لقائد قطار ينتهي بعقوبة رادعة.. والمحكمة تكشف التفاصيل الكاملة

قضت المحكمة التأديبية بمحافظة بني سويف، بمجازاة أحد قائدي القطارات العاملين بقسم قطارات الواسطى التابع لهيئة سكك حديد مصر، بخصم 10 أيام من أجره، بعد ثبوت تغيبه عن العمل في أكثر من وردية دون الحصول على إذن مسبق أو عذر قانوني مقبول، مؤكدة أن تصرفه تسبب في ارتباك بمواعيد التشغيل، وأخل بواجبات الوظيفة العامة في مرفق حيوي يعتمد عليه ملايين المواطنين يوميًا.
معاقبة قائد قطار تغيب عن العمل بدون أذن
وتعود تفاصيل الواقعة إلى بلاغ تقدمت به الإدارة القانونية بمنطقة أسيوط التابعة للهيئة القومية لسكك حديد مصر إلى النيابة الإدارية، يفيد بتغيب قائد القطار عن عمله يومي 4 و5 أغسطس الماضي دون مبرر، ما استدعى فتح تحقيق عاجل للوقوف على ملابسات الغياب، خاصة بعد أن تبين أن الواقعة لم تكن الأولى من نوعها. وكشفت التحريات الأولية أن الموظف ذاته سبق وتغيب يومي 27 و28 يونيو، في الوردية الممتدة من الثانية ظهرًا حتى العاشرة مساءً بمحطة الفيوم، دون إخطار مسبق أو تقديم مستند طبي يبرر غيابه.
وبناء على ما ورد في البلاغ، باشرت النيابة الإدارية ببني سويف تحقيقاتها، واستدعت المتهم لسماع أقواله، حيث تبين من خلال مذكرات التشغيل والسجلات الإدارية المرفقة بالأوراق أن تغيبه المتكرر تسبب في ارتباك جداول العمل بقسم قطارات الواسطى، وأجبر الإدارة على إعادة توزيع المهام بشكل طارئ لتسيير حركة القطارات دون تعطيل، الأمر الذي اعتبرته النيابة إخلالًا بواجبات الوظيفة ومساسا بمصلحة المرفق العام.
وخلال التحقيقات، أقر قائد القطار بصحة ما ورد في البلاغ، مؤكدًا أنه تغيب بالفعل عن العمل في الأيام المحددة بسبب ظروف عائلية طارئة حالت دون قدرته على الحضور، مشيرًا إلى أنه لم يتمكن من إخطار مسؤولي التشغيل في حينه. وأضاف أنه لم يقصد الإهمال أو التهرب من المسؤولية، بل كانت حالته الإنسانية خارجة عن إرادته، متمنيًا من المحكمة تقدير وضعه.
ورغم اعتراف المتهم بهذه التفاصيل، أكدت النيابة أن غيابه دون إذن مسبق أو تقديم عذر رسمي يشكل مخالفة صريحة للقوانين والتعليمات المنظمة للعمل داخل الهيئة القومية لسكك حديد مصر، التي تُلزم العاملين بالحصول على تصريح كتابي قبل التغيب لأي سبب، حرصًا على انتظام المرفق وحماية أرواح الركاب.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن اعتراف المتهم جاء صريحا واضحا لا لبس فيه، مما يجعله دليلًا قاطعًا على ارتكابه المخالفة المنسوبة إليه. وأضافت أن الأوراق خلت من أي مستند رسمي يثبت وجود عذر قانوني يبرر الغياب، وأن مجرد الادعاء بوجود ظرف عائلي لا يعفي الموظف من مسؤوليته الإدارية.
وأكدت المحكمة أن الاعتراف سيد الأدلة، مشيرة إلى أن المتهم خالف نصوص لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر التي تلزم العامل بأداء واجباته بدقة وأمانة، وأن غيابه المتكرر دون إذن يمثل إخلالًا خطيرًا بواجبات الوظيفة وتقاعسًا عن أداء المهام الموكلة إليه.
وانتهت المحكمة إلى أن المخالفتين المنسوبتين إليه ثابتتان ثبوتًا يقينيًا، وأن ما صدر عنه يستوجب توقيع جزاء تأديبي رادع، فقضت بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه، تأديبًا له وردعًا لغيره من العاملين عن التهاون في أداء واجباتهم.
وشددت المحكمة في ختام حكمها على أن الانضباط في مؤسسات النقل والمواصلات يُعد من أهم عناصر الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، مؤكدة أن التغيب غير المبرر في وظائف حساسة مثل قيادة القطارات لا يمكن التساهل فيه، لما يترتب عليه من اضطراب في سير العمل وإضرار بالمصلحة العامة، وأن الحزم في تطبيق القانون هو السبيل لضمان استقرار المرافق الحيوية في الدولة.