ركب "البدوي"من القليوبية إلى طنطا.. موكب الإيمان والمحبة الممتد عبر القرون|خاص

تشهد محافظة القليوبية وخاصة مدينة الخانكة، احتفالية سنوية فريدة من نوعها تعرف باسم ركب السيد البدوي، وهو تقليد صوفي عريق يجسد روح التضامن والولاء، ويجمع بين الماضي العريق والحاضر المتجدد.
يقول الباحث الصوفي مصطفى زايد إنه مع حلول شهر أكتوبر من كل عام، تبدأ الجمال في التحرك محملةً بالغذاء والمؤن والعتاد، متجهة نحو مدينة طنطا في موكب مهيب لحضور مولد السيد أحمد البدوي، أحد أعظم الأولياء في تاريخ مصر الإسلامي, وتتحول طرقات القرى التي يمر بها الركب إلى ساحات فرح واحتفاء، يخرج أهلها لاستقبال الموكب بالدفوف والزغاريد وتوزيع المشروبات والأطعمة على المشاركين، في مشهد يجسد أسمى معاني المودة بين الناس.

وأوضح" زايد" في تصريح خاص لنيوز رووم : ترجع أصول هذا الاحتفال إلى الطريقة الأحمدية المرازقة، المنتسبة إلى الشيخ مرزوق اليماني، أحد تلاميذ السيد البدوي الأوائل، والمدفون في شارع قصر الشوق بالجمالية بالقاهرة. وكان الشيخ مرزوق هو المسؤول في زمانه عن قيادة الجمل الذي يحمل كسوة الكعبة المشرفة من مصر إلى الأراضي المقدسة، ومع توقف إرسال الكسوة، واصل أتباعه هذا التقليد على طريقتهم الخاصة، فقاموا بصنع كسوة رمزية وذهبوا بها إلى شيخهم الأكبر السيد أحمد البدوي في طنطا، لتصبح منذ ذلك الحين عادة سنوية متوارثة.

ويعد هذا الركب رمزاً للوفاء والتجديد، إذ يجمع بين الإرث الديني والهوية الشعبية، ويعبر عن مدى ارتباط المصريين بأوليائهم ومحبتهم لهم. وقد اشتهرت عائلة باطه بمدينة الخانكة بأنها من أبرز العائلات التي تولت قيادة هذا الركب جيلاً بعد جيل، حتى صار جزءاً من تراثهم الذي يورثونه لأبنائهم وأحفادهم بكل فخر واعتزاز.
ويختتم الركب رحلته في منطقة سيجر بطنطا (أرض الصاري الأحمدي)، حيث تُنصب الخيام وتبدأ الاحتفالات طوال أسبوع المولد، يجتمع فيه المريدون والطرق الصوفية من كل مكان، في مشهد من السكينة والنور، تتعانق فيه الأصوات بالذكر والمديح، وتفوح منه رائحة البركة والصفاء.
وهكذا يبقى ركب السيد البدوي أكثر من مجرد موكب صوفي؛ إنه رمز لعقيدة الحب والوفاء والروح المصرية الأصيلة التي لا تعرف الزمان، تتجدد كل عام لتؤكد أن مصر ستظل أرض الأولياء والكرامة، ومهوى القلوب العاشقة لله وأحبابه.