عباس شراقي يكشف عن الأبعاد الخفية لأزمة سد النهضة؟

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، في تحليل شامل لأزمة سد النهضة، إن التطورات المتعلقة بالنيل الأزرق لها جذور تاريخية عميقة، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي من الاهتمام الأمريكي المبكر بالدراسات في حوض النيل الأزرق في الخمسينات كان يتمحور حول عدم وصول المياه إلى السد العالي الذي كان يُبنى آنذاك بمساعدة روسية.
حق مصر التاريخي في مياه النهر
وأوضح خلال لقائه عبر قناة الحدث اليوم، أن لسان حال الموقف وقتها كان وكأنه يقول لأثيوبيا: "أردت بناء السد؟ اذهب و ابنِه وشاهد من أين ستأتي إليه المياه"، مشيرا إلى أن إثيوبيا بدأت في إنشاء السدود بهدف الاستفادة من المشروعات التنموية، وليس بالضرورة للضرر المباشر لمصر، لكنه أكد أنه عندما تُستغل هذه المشروعات "للإضرار بالآخرين بما فيهم مصر، فإننا نقف"، مشدداً على حق مصر التاريخي في مياه النهر.
ونوه المسؤول إلى الاتفاقية الأهم بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 1902، والتي تتضمن ثلاثة بنود رئيسية: ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا، وتحديد العلامات الحدودية (مُقابَل إعطاء مساحة كبيرة من السودان إلى إثيوبيا وهي منطقة "بني شنقول" التي يُبنى عليها سد النهضة حالياً)، والبند الأهم هو "عدم إقامة مشروعات على النيل الأزرق أو الروافد الأخرى تضر أو تقلل من تدفق المياه إلى نهر النيل".
ازدواجية الموقف الإثيوبي
وتابع أن إثيوبيا، عندما تنكرت لهذه الاتفاقية وادعت أنها تعود لأيام الاستعمار، فإنها بذلك تلغي الحدود التي رسمتها نفس الاتفاقية (في البندين الأول والثاني)، وضرب مثالاً على ازدواجية الموقف الإثيوبي قائلاً: "لما حصلت مشكلة بين السودان وإثيوبيا على أرض الفشقة، اعترف رئيس الوزراء الإثيوبي بالاتفاقية لحل المشكلة، وعندما تحدثنا عن المياه قال: لا توجد اتفاقيات".
وأضاف أن هناك اتفاقيات أخرى حديثة، كان آخرها "إعلان مبادئ سد النهضة 2015"، الذي يتضمن بنداً لـ"عدم إحداث ضرر ذي شأن"، مؤكدا أن تخزين 74 مليار متر مكعب، يضاف إليها 40 ملياراً بالبخر والتسريب (أي ما يفوق 110 مليارات)، يمثل ضرراً بالغاً، خاصة أن هذه الكمية تعادل حصة مصر من المياه في عامين، مُشيراً إلى أن مصر تعتمد على هذا النهر كمصدر وحيد للمياه.
المياه القادمة من إثيوبيا هي في الأصل بواقي مياه الأمطار
وأوضح أن المياه القادمة من إثيوبيا هي في الأصل بواقي مياه الأمطار التي تسقط على الأراضي الإثيوبية، والتي تُقدر بنحو 936 مليار متر مكعب، تُروى بها الأراضي الزراعية والمراعي والغابات، وتملأ 55 بحيرة، مُشيراً إلى أن الكمية التي تأتي لمصر عبر النيل الأزرق لا تعادل سوى 8% من المياه في إثيوبيا.