عاجل

هل يجوز طلب المدد من الأولياء والصالحين؟.. الإفتاء ترد

طلب المسلم المدد
طلب المسلم المدد من الأولياء

هل يجوز طلب المدد من الأولياء والصالحين؟، من الأسئلة التي يكثر الحديث عنها خاصة في ظل انتشار الفكر المتشدد وفي السطور التالية نوضح ما ذكر في طلب المدد من الأولياء.

طلب المسلم المدد من الأولياء

تقول دار الإفتاء إن طلب المسلم المدد من الأولياء والصالحين أحياءً ومنتقلين محمولٌ على السببية لا على التأثير والخلق؛ فلا مانع منه شرعًا. والعبرة في التمسح بالأضرحة وتقبيلها هي حيث يجد الزائر قلبه.

فيما يذهب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إلى القول بأن المدد مِن الله سبحانه وتعالى، فمَن يدعو ويقول مدد يا سيدنا الحسين، فهو طلب الدعاء مِن سيدنا الحسين لله تعالى ، ولله تعالى أن يستجيب أو لا يستجيب.

وأضاف جمعة خلال توضيحه معنى المدد: هو الإمداد والعطاء بالرزق والهداية والتقوى فالإنسان محتاج الى الله دائما ولكنه سبحانه وتعالى ليس في حاجة للإنسان فنحن لا نقوم الا به وهو قيوم السماوات والأرض قائم بنفسه لا يحتاج الى أحد وهذا هو الفارق بين الخالق والمخلوق.

وأوضح جمعة أنه لا يجوز الذهاب إلى سيدنا الحسين لطلب المدد لأن المدد لا يكون إلا من عند الله؛ ولكن يجوز أن نطلب من سيدنا الحسين الدعاء إلى الله أن يمدنا بمدد من عنده فيدع سيدنا الحسين وقد يستجيب الله أو لا يستجيب. وكذلك طلب الدعاء من الناس الصالحين كأن تقول لشخص صالح معروف عنه التقوى إدعيلي أن يرزقني او يهديني فهنا طلب الدعاء من الناس وليس المدد لأنهم لا حول لهم ولا قوة . لافتا الى ان قول الصمد أثناء الدعاء لها أثر جيد حيث إن معناها المصمود له بالدعاء.

حكم طلب المدد من الأولياء الصالحين أحياءً أو منتقلين

وشددت الإفتاء: طلب المسلم المدد من الأولياء والصالحين أحياءً ومنتقلين يُحمَل على السببية لا على التأثير والخلق؛ حملًا لأقوال المسلمين وأفعالهم على السلامة على ما هو الأصل كما سبق تقريره، ويكون ذلك -في حق المتوفين منهم- على قصد الدعاء وغيره مما أُذِنَ لهم فيه؛ كما ورد في الأنبياء وغيرهم من العبادة والدعاء والتصرف في الحياة البرزخية، ومن ذلك:

- صلاة سيدنا موسى عليه السلام في قبره.

- وائتمام الأنبياء والمرسلين بالمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الإسراء والمعراج.

- وحديث الأعمى الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ» رواه الترمذي، وابن ماجه، والنسائي وصححه جمع من الحفاظ، وعند الطبراني وغيره أن راوي الحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه عَلَّم هذا الدعاء لمن طلب منه التوسط له في حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك بعد انتقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى.

- وروى ابن أبي شيبة من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار -وكان خازن عمر رضي الله عنه- قال: "أصاب الناس قحط في زمن عمر رضي الله عنه، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، استَسقِ لأُمَّتك، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، فقال: ائتِ عمر فأقرئه مني السلام وأخبره أنكم مُسقَون، وقل له عليك الكَيس، قال: فأتى الرجل عمر فأخبره، فبكى عمر رضي الله عنه وقال: يا رب، ما آلو إلا ما عجزت عنه"، وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".

- وذكر الإمام الطبري في "تاريخه" في الكلام على أحداث معركة اليمامة: أن خالد بن الوليد رضي الله عنه وقف بين الصفين ودعا للبِراز، وقال: أنا ابن الوليد العود، أنا ابن عامر وزيد، ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه، وجعل لا يبرز له أحد إلا قتله.
ودعوى الخصوصية في ذلك كله خلاف الأصل، بل يدل على عدم الخصوصية: ما جاء في الحديث المرفوع عند الإمام ابن عبد البر وغيره: «مَا مِنْ أَحَدٍ مَرَّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» "الاستذكار"، ومن المعلوم أن السلام دعاء، وكذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَا نَرَاهُمْ» أخرجه الطبراني وأبو يعلى، ونحوه عند البزار من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه: «إِنَّ لله مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ يَكْتُبُونَ مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلاةٍ فَلْيُنَادِ: أَعِينُوا عِبَادَ اللهِ» رواه الطبراني وحَسَّنه الحافظ ابن حجر في "أمالي الأذكار"، قال الإمام الطبراني عقب رواية الحديث: وقد جُرِّبَ ذلك.

وقد بسط الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" الكلام على ذلك، وأيده بالنقول عن السلف الصالح فليراجع، ثم إن حصول المدد بعد ذلك إنما بأمر الله وحده، لا مانع لما أعطى ولا رادّ لفضله ولا معقب لحكمه سبحانه وتعالى جل شأنه وتبارك اسمه.

أما إقحام الكفر والشرك في هذه المسائل -كما يدندن كثير من الناس- فلا وجه له، اللهم إلا على افتراض أن طالب المدد يعبد مَن في القبر، أو يعتقد أنه ينفع أو يضر بذاته، وهذا الاحتمال ينأى أهل العلم عن حمل فعل المسلم عليها كما سبق؛ لأن فرض المسألة في المسلم الذي يطلب المدد لا في غير ذلك.

تم نسخ الرابط