مدن أوروبية وعالمية تحشد لدعم القضية الفلسطينية

في الذكرى الثانية لانطلاق حرب غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، تشهد العديد من المدن الأوروبية اليوم موجة غضب شعبي غير مسبوقة، حيث خرج ملايين المتظاهرين إلى الشوارع مطالبين بإنهاء الحرب ووقف الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، في ظل تصاعد الغضب من استمرار الهجمات على المدنيين في قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية هناك.
إسبانيا.. الحراك الأكبر في أوروبا لدعم فلسطين
كانت إسبانيا مركزًا لهذا الحراك الأوروبي الواسع، حيث شهدت مختلف المدن الكبرى مظاهرات ضخمة شارك فيها ما يقرب من مليوني شخص خلال الأيام الأخيرة، في واحدة من أكبر التعبيرات الشعبية التضامنية مع الفلسطينيين في تاريخ البلاد، حيث في العاصمة مدريد، تجمع أكثر من 400 ألف متظاهر في ساحة كاياو، حاملين الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها عبارات مثل "أوقفوا الإبادة في غزة" و"لا مزيد من الأسلحة لإسرائيل".
أما في برشلونة، نظم أكثر من 300 ألف شخص مسيرة ضخمة انتهت أمام القنصلية الإسرائيلية، كما شهدت مدن أخرى مثل فالنسيا وبلباو وقادش وجزر الكناري مسيرات مماثلة.
وطالب المتظاهرون الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز باتخاذ موقف أكثر حزمًا تجاه تل أبيب، يشمل قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية ووقف صادرات السلاح، كما دعوا الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات دولية على إسرائيل بسبب ارتكاب الاحتلال جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وفي تصريحات لأحد منظمي المظاهرات لصحيفة "لاراثون" الإسبانية، قال إن هذه الاحتجاجات ليست مجرد دعم للفلسطينيين، بل هي صرخة احتجاج ضد صمت أوروبا وتواطؤ حكوماتها.
ورغم الطابع السلمي لمعظم المسيرات، شهدت بعض التجمعات في مدريد وبرشلونة تدخلات محدودة من الشرطة لتفريق المحتجين، ما أثار انتقادات منظمات حقوقية اتهمت الحكومة بمحاولة إسكات الأصوات المعارضة للدعم الإسرائيلي.
تظاهرات إيطاليا لدعم فلسطين
تزامنت الاحتجاجات في إيطاليا مع إضراب عام دعت إليه النقابات العمالية، مما أدى إلى شلل في حركة الموانئ ووسائل النقل العام في عدة مدن رئيسية مثل روما وميلانو ونابولي وجنوة.
وشارك في الإضراب أكثر من 250 ألف شخص رفعوا شعارات مثل "كفى للحرب.. كفى للصمت الأوروبي"، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار ومحاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي.
وقال أحد ممثلي اتحاد عمال الموانئ في جنوة إن "السفن التي تحمل أسلحة لإسرائيل لن تمر من موانئنا بعد الآن"، في إشارة إلى حملة المقاطعة التي اتسعت لتشمل منع مرور الشحنات العسكرية إلى تل أبيب.
فرنسا.. مطالب بوقف الدعم العسكري لإسرائيل
في فرنسا، خرج آلاف المتظاهرين في باريس ومرسيليا وليون، مطالبين الرئيس إيمانويل ماكرون بوقف الدعم العسكري لإسرائيل وسحب القوات الفرنسية من أي أنشطة مرتبطة بالتحالفات الإسرائيلية. رفع المحتجون شعارات مثل "من باريس إلى غزة.. الحرية لفلسطين" و"كفى تمويلاً للقتل".
مظاهرات ألمانيا وبلجيكا وهولندا لدعم القضية الفلسطينية
أما في ألمانيا وبلجيكا وهولندا، فقد شهدت مدن مثل برلين وبروكسل وأمستردام تجمعات واسعة دعت إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وفرض رقابة صارمة على الشركات الأوروبية التي تمول الصناعات العسكرية الإسرائيلية.
الدعم الأوروبي للقضية الفلسطينية
يرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات تعكس تحولًا واضحًا في المزاج الشعبي والسياسي داخل أوروبا تجاه الحرب في غزة، حيث لم تعد القضية الفلسطينية مجرد ملف خارجي، بل أصبحت رمزًا لرفض السياسات الغربية التي يُنظر إليها على أنها منحازة وغير إنسانية.
ويشير باحثون في الشؤون الأوروبية إلى أن هذه الموجة من التحركات تأتي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية متزايدة في القارة، تشمل ارتفاع الأسعار، تراجع الأجور، وأزمة إسكان حادة، مما جعل الغضب الشعبي على الظلم في غزة. يتقاطع مع الغضب من الأوضاع الداخلية.
كما تظهر هذه الاحتجاجات حجم الضغط الذي بدأ يمارسه الرأي العام الأوروبي على حكوماته لمراجعة سياساتها تجاه إسرائيل، خاصة مع تصاعد الاتهامات الدولية بتورط تل أبيب في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.