مظاهرات واحتجاجات المغرب... حقيقة هروب الملك محمد السادس وعائلته

تداولت منصات التواصل الاجتماعي، أنباء تفيد بمغادرة ملك المغرب محمد السادس وعدد من أفراد دائرته المقربة البلاد على متن طائرة خاصة أقلعت من مطار سلا في ساعة متأخرة من الليل، حيث ربطت صفحات ومصادر رقمية هذه الأنباء بالتصعيد الميداني في شوارع العاصمة الرباط، واقترب المتظاهرون من محيط القصر الملكي، ضمن موجة احتجاجات يقودها شباب "جيل زد".
وتم نشر هذه المزاعم في البداية عبر قناة المتحدث الرسمي باسم الحراك على تطبيق تيلجرام، وأكدت بعض المصادر الرقمية أن عملية المغادرة تمت بشكل عاجل وفي ظل توتر أمني ملحوظ، ومع ذلك، لم تصدر أي تصريحات رسمية من الجهات المغربية المختصة تؤكد هذه المعلومات، ما يضعها في إطار الأخبار المتداولة التي تنتظر توضيحًا رسميًا، لا سيما أن هذه المزاعم تم تداولها منذ 29 سبتمبر الماضي.
مظاهرات المغرب
اندلعت احتجاجات واسعة في عدد من المدن المغربية، تقودها مجموعة "جيل زد 212"، احتجاجًا على تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، خاصة في مجالي الصحة والتعليم، إلى جانب ارتفاع نسب البطالة وتدهور جودة الخدمات العمومية.
في الرباط، شددت السلطات الأمنية قبضتها على ساحة باب الأحد، التي تمثل نقطة انطلاق رمزية للتظاهرات، حيث طوّقتها قوات الأمن بالكامل ونفذت حملة توقيفات استباقية، فيما أفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأن نحو 100 شاب جرى توقيفهم في أحياء متفرقة من العاصمة.

أما في الدار البيضاء، فقد تحولت ساحة السراغنة ومحيطها إلى ساحة مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي تدخلت بقوة لتفريق المشاركين. وشهدت الاحتجاجات رفع شعارات تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وسط حضور لافت لشخصيات معارضة، منها البرلمانية نبيلة منيب وفاطمة التامني.
المشهد نفسه تكرر في مراكش وأكادير، حيث انتشرت مقاطع فيديو توثق لحظات من التوتر والتدخل الأمني العنيف، مع تسجيل اعتقالات ووقوع إصابات في صفوف بعض المحتجين.
وأثار التعامل الأمني مع احتجاجات "جيل زد" انتقادات من جهات سياسية وحقوقية بارزة. فقد طالب حزب العدالة والتنمية الحكومة باعتماد مقاربة حوارية بدل الاعتماد المفرط على الحلول الأمنية، محملاً رئيس الوزراء عزيز أخنوش مسؤولية تفاقم الغضب الشعبي.
بدوره، الحزب الاشتراكي الموحد أدان ما وصفه بـ"انتهاكات سافرة طالت الاحتجاجات السلمية"، فيما دعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى فتح قنوات تواصل مباشرة مع الشباب حول ملفات الصحة والتعليم والتشغيل.
وفي تصريح إعلامي، قال رئيس العصبة عادل تشيكيطو إن ما يجري يمثل تحولًا اجتماعيًا عميقًا، يقوده جيل جديد من الشباب يستعمل الأدوات الرقمية للتعبئة والاحتجاج، بعيدًا عن الأطر التقليدية للأحزاب والنقابات.
وبرزت مجموعة "GENZ212" أو "صوت الشباب المغربي" مؤخرًا على منصات مثل ديسكورد وتيليجرام، واستقطبت آلاف الشباب في وقت قصير. وتركز النقاشات داخل هذه المنصات على قضايا الصحة، التعليم، التشغيل، وسوء توزيع الثروة، مع تأكيد منظميها أن حراكهم سلمي وغير مؤدلج، ويهدف إلى الضغط من أجل إصلاحات حقيقية.
ويشدد مسؤولو الحركة على دعمهم لمؤسسة الملكية، التي يعتبرونها ضامنة للاستقرار، لكنهم يطالبون بـ"تغيير في ترتيب أولويات الدولة"، في ظل ما يرونه تركيزًا مفرطًا على مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، مقابل إهمال الخدمات الأساسية.

مستشفى الموت... شرارة الغضب
ساهمت فاجعة وفاة ثماني نساء في مستشفى الحسن الثاني بأكادير أثناء عمليات قيصرية، فيما صار يُعرف بـ"مستشفى الموت"، في إشعال موجة الغضب الشعبي، رغم إعلان وزير الصحة أمين التهراوي عن إعفاء مسؤولين محليين، إلا أن الاحتجاجات تصاعدت بدل أن تهدأ، وامتدت إلى مدن أخرى مثل تطوان والدرويش.
ويعاني قطاع الصحة من نقص حاد في الموارد البشرية، وارتفاع هجرة الأطباء إلى الخارج، حيث تشير الأرقام إلى وجود أكثر من 10 آلاف طبيب مغربي خارج المملكة، فيما تؤكد تقارير رسمية حاجة البلاد إلى 32 ألف طبيب و65 ألف ممارس صحي إضافي لتلبية المعايير الدولية.