ماذا أفعل إذا قامت الصلاة وأنا أصلي تحية المسجد؟.. واعظ بالأزهر يجيب

ماذا أفعل إذا قامت الصلاة وأنا أصلي تحية المسجد؟، سؤال أجابه على محمد منصور الواعظ بالأزهر الشريف، موضحًا أن من دخل المسجد، وقد أخذ المؤذن في إقامة الصلاة فلا يجوز له الانشغال عنها بنافلة، سواء أخشي فوات الركعة الأولى أم لم يخش فواتها؛ لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ولأن ما يفوته مع الإمام أفضل مما يأتي به، فلا يشتغل به.
ما حكم صلاة النافلة عند قيام صلاة الجماعة؟
واستدل بما روته السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين أقيمت الصلاة، فرأى ناسا يصلون، فقال: أصلاتان معا ؟ . وهذا عند المالكية والشافعية والحنابلة. وبهذا قال أبو هريرة، وابن عمر، وعروة، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، وإسحاق، وأبو ثور، وهو مذهب الحنفية بالنسبة لغير سنة الفجر.
وقال الحنفية في سنة الفجر: إذا خاف فوت ركعتي الفجر لاشتغاله بسنتها تركها؛ لكون الجماعة أكمل، فلا يشرع فيها. وإذا رجا إدراك ركعة مع الإمام فلا يترك سنة الفجر، بل يصليها، وذلك في ظاهر المذهب، وقيل: إذا رجا إدراك التشهد مع الإمام فإنه يصلي السنة خارج المسجد عند بابه إن وجد مكانا، فإن لم يجد مكانا تركها ولا يصليها داخل المسجد؛ لأن التنفل في المسجد عند اشتغال الإمام بالفريضة مكروه .
وروي عن ابن مسعود: أنه دخل والإمام في صلاة الصبح فركع ركعتي الفجر، وهذا مذهب الحسن، ومكحول، ومجاهد، وحماد بن أبي سليمان .
وتابع: من كان يصلي النافلة، ثم أقيمت صلاة الجماعة فقد قال الشافعية والحنابلة: إن لم يخش فوات الجماعة بسلام الإمام فإنه يتم النافلة، ولا يقطعها؛ لقوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم } ثم يدخل في الجماعة. وقال المالكية: إن لم يخش فوات ركعة بإتمام النافلة بأن تحقق أو ظن أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى عقب إتمام ما هو فيه أتمها، ثم دخل مع الجماعة.
أما إن خشي فوات الجماعة - كما يقول الشافعية والحنابلة - أو خشي فوات ركعة - كما يقول المالكية - فإنه يقطع النافلة وجوبا عند المالكية، وندبا في غير الجمعة عند الشافعية، ووجوبا في الجمعة (أي إن كانت التي يصليها الإمام هي الجمعة)، وعند الحنابلة روايتان حكاهما ابن قدامة، إحداهما: يتم النافلة، والثانية: يقطعها؛ لأن ما يدركه من الجماعة أعظم أجرا وأكثر ثوابا مما يفوته بقطع النافلة؛ لأن صلاة الجماعة تزيد على صلاة الرجل وحده سبعا وعشرين درجة .
أما الحنفية: فلم يقيدوا القطع أو الإتمام بإدراك الجماعة، أو عدم إدراكها؛ لأن الشروع في النافلة عندهم يجعلها واجبة، ولذلك يقولون: الشارع في نفل لا يقطع مطلقا إذا أقيمت الجماعة وهو في صلاة النافلة، بل يتمه ركعتين، وإذا كان في سنة الظهر، أو سنة الجمعة، إذا أقيمت الظهر، أو خطب الإمام، فإنه يتمها أربعا على القول الراجح؛ لأنها صلاة واحدة.
ونقل ابن عابدين عن الكمال في فتح القدير ما نصه: وقيل: يقطع على رأس الركعتين في سنة الظهر والجمعة، وهو الراجح؛ لأنه يتمكن من قضائها بعد الفرض. وهذا حيث لم يقم إلى الركعة الثالثة. أما إن قام إليها وقيدها بسجدة ففي رواية النوادر يضيف إليها رابعة ويسلم، وإن لم يقيدها بسجدة فقيل: يتمها أربعا، ويخفف القراءة. وقيل: يعود إلى القعدة ويسلم، وهذا أشبه، قال في شرح المنية: والأوجه أن يتمها.
صلاة المنفرد خلف الجماعة
وأكمل: إن أقيمت الجماعة والمنفرد يصلي الصلاة المفروضة التي يؤديها الإمام، فإن لم يكن قيد الركعة الأولى بالسجود قطع صلاته، واقتدى، وإن كان قد عقد ركعة بالسجود، فإن كان في صلاة الصبح أو المغرب قطع صلاته واقتدى بالإمام، إلا إذا كان قد قام إلى الركعة الثانية، وقيدها بالسجود فإنه في هذه الحالة يتم صلاته. ولا يدخل مع الإمام؛ لكراهة التنفل بعد الفجر وبالثلاث في المغرب.
وهذا كما يقول الحنفية، لكن المالكية قالوا: يدخل مع الإمام في صلاة الصبح ولا يدخل معه في صلاة المغرب. وإن كانت الصلاة رباعية، وكان المنفرد قد قيد الركعة الأولى بالسجود، شفع بركعة أخرى، وسلم واقتدى بالإمام، وكذلك إذا كان صلى ركعتين وقام إلى الثالثة، ولكنه لم يقيدها بالسجدة، فإنه يرجع للجلوس، ويعيد التشهد، ويسلم ويدخل مع الإمام. وإن كان قد قيد الثالثة بالسجدة فإنه يتم صلاته، ويقتدي بالإمام متنفلا، إلا في العصر، كما هو عند الحنفية؛ لكراهة النفل بعده .من شرع في صلاة فائتة وأقيمت الحاضرة في المسجد فإنه لا يقطع صلاته، لكنه لو خاف فوت جماعة الحاضرة قبل قضاء الفائتة، فإن كان صاحب ترتيب قضى، وإن لم يكن فالظاهر أنه يقتدي؛ لإحراز فضيلة الجماعة، مع جواز تأخير القضاء وإمكان تلافيه. قال ابن عابدين بعد أن نقل ذلك عن الخير الرملي: ووجهه ظاهر؛ لأن الجماعة واجبة عندنا، أو في حكم الواجب.
أما إذا شرع في قضاء فرض، وأقيمت الجماعة في ذلك الفرض بعينه، فإنه يقطع ويقتدي. وعزي للخلاصة: أنه لو شرع في قضاء الفوائت، ثم أقيمت لا يقطع، هذا مذهب الحنفية .
وقال المالكية: من شرع في فريضة، وأقيمت الجماعة في غيرها، بأن كان في ظهر، فأقيمت عليه العصر مثلا قطع صلاته التي فيها إن خشي، بأن تحقق أو ظن فوات ركعة مع الإمام، وإن لم يخش فوات ركعة مع الإمام بأن تحقق أو ظن إدراكه في الأولى عقب إتمام ما هو فيه فلا يقطع بل يتم صلاته .
وقال الشافعية: من كان يصلي فائتة، والجماعة تصلي الحاضرة فلا يقلب صلاته نفلا ليصليها جماعة، إذ لا تشرع فيها الجماعة حينئذ، خروجا من خلاف العلماء، فإن كانت الجماعة في تلك الفائتة بعينها جاز ذلك، لكنه لا يندب، أي جاز قطع صلاته التي هو فيها، ويقتدي بالإمام .