بين الأذان والإقامة.. ما حكم قراءة القرآن الكريم في مكبرات الصوت؟

قراءة القرآن الكريم في المساجد فيما بين الأذان والإقامة أمر مشروع ومستحب، ويجمع الناس على سماع كتاب الله، ويهيئهم لأداء الصلاة بخشوع وتدبر. وقد أشار الفقهاء إلى أن هذا العمل من الأمور الحسنة التي كانت معروفة عند السلف الصالح، ولم يرد فيها نكير، بل هي امتداد للأدلة الشرعية التي تحث على قراءة القرآن والاستماع إليه والاجتماع على ذلك.
قراءة القرآن بين الأذان والإقامة
الوقت بين الأذان والإقامة من الأوقات المباركة، التي يُستحب فيها الدعاء والذكر، وقد ورد في السنة النبوية تشجيع الدعاء فيها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ؛ فَادْعُوا» [أحمد وأبو داود والترمذي].
وبناءً على أن الدعاء مستحب في هذا الوقت، فإن قراءة القرآن والاستماع إليه أفضل وأعظم أجرًا، لما فيه من تلاوة كلام الله وتدبر معانيه، وهو أقوى أثرًا في تهئية القلوب للصلاة واستجلاب الخشوع.
استحباب الاستماع إلى القرآن الكريم
السنة النبوية أكدت على استحباب الاستماع إلى القرآن، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، فقال: «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» [متفق عليه].
وأوصى الإمام النووي بجعل مجالس العلم تُفتتح وتُختتم بقراءة القرآن، ويُختار القارئ بصوت حسن بما يناسب المقام، لتعظيم أثر القراءة على المستمعين وزيادة الخشوع.
الأدلة من القرآن الكريم
القرآن نفسه يأمر بالاستماع والانصات: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
كما أن الاجتماع على تلاوة القرآن مستحب، كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ» [مسلم].
قراءة القرآن أفضل من الذكر والدعاء
نص الفقهاء على أن قراءة القرآن أفضل من الذكر والدعاء، لأنها كلام الله، وفيها المواعظ والحكم، وتحافظ على بقاء الدين بين الناس. وقال الشيخ ابن تيمية: «قراءة القرآن أفضل من الذكر: بالنص، والإجماع، والاعتبار» [مجموع الفتاوى 19/120].
ولذلك، فإن قراءة القرآن في الوقت بين الأذان والإقامة أولى وأفضل من مجرد الذكر أو الدعاء، لأنه يجمع القلوب على التهيؤ للصلاة ويزيد الخشوع.
حكم قراءة القرآن في مكبرات الصوت
بناءً على الأدلة السابقة، يجوز قراءة القرآن في مكبرات الصوت داخل المساجد، ويستحب، ويعد من الأعمال الحسنة التي كان يفعلها السلف، لما فيها من جمع الناس على كتاب الله وتدبر معانيه قبل أداء الصلاة. وليس فيها بدعة، فالبدعة تكمن في تضييق ما وسع الله تعالى للمسلمين.
قراءة القرآن في مكبرات الصوت بين الأذان والإقامة:
- مشروع ومستحب، ويجمع الناس على سماع كتاب الله.
- أفضل من مجرد الذكر والدعاء.
- يستند إلى القرآن والسنة، وعمل الصحابة والسلف الصالح.
- يهيئ القلوب للصلاة بالخضوع والخشوع.
- لا بدعة فيها، وإنما البدعة هي التضييق على ما وسعه الله.
- يمكن لولي الأمر تنظيم ذلك وفق لوائح وزارة الأوقاف، مع مراعاة ضبط الصوت وتنظيم أوقات القراءة.