صاحبها خطبها في كي جي وأمها بتزغرد.. أستاذ بالأزهر: ليست طرفة ولكنها خلل تربوي

استنكرت الدكتورة روحية مصطفى، أستاذ ورئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر، مشهد إحدى أولياء الأمور وهي تصور طفلة لتسألها عن خاتم في إصبعها، قائلة «صاحبي خطبني»، مشددة أنه مشهد يسرق حياء الطفولة.
صاحبها خطبها في كي جي وأمها بتزغرد
وقالت «مصطفى» من خلال صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: شاهدت بالأمس مقطعًا على منصات التواصل، لأم تستوقف ابنتها الصغيرة – لم تتجاوز الخامسة – بعد خروجها من الحضانة وتسألها: "إيه اللي في إيدك ده؟" فأجابت الطفلة: "خاتم"، فقالت الأم: "مين أعطهولِك؟" فردت الطفلة ببساطة: "صاحبي، قال لي دي شبكتك." فسألتها الأم: "قالك إيه بالضبط؟" فقالت الطفلة: "قال لي أنا عاوز أتزوجك ودي شبكتك." وهنا انطلقت الأم بالضحك والزغاريد وكأنها تحتفل بالموقف.
خلل تربوي كبير
وشددت الأستاذ بالأزهر الشريق: هذه المشاهد وإن بدت للبعض طريفة، إلا أنها تكشف عن خلل تربوي كبير. فالرسول ﷺ علّمنا أن البكر البالغة يكفي في استئذانها للزواج أن تصمت، مراعاة لحياء الفطرة الذي جُبلت عليه. فكيف نعرض الأطفال في هذا العمر لمواقف تُخرجهم من دائرة البراءة وتدفعهم للخوض في موضوعات لم تنضج عقولهم بعد لاستيعابها؟
وقالت إن إدخال مفاهيم الخطبة والزواج بهذه الصورة السطحية قد ينزع الحياء الفطري من قلوبهم، ويثير فيهم فضولًا ليس أوانه، وربما يفتح بابًا لتصورات خاطئة أو سلوكيات غير مناسبة لمرحلتهم العمرية.
واختتمت الأستاذ بجامعة الأزهر قائلة: «واجبنا كآباء ومربين أن نحافظ على براءة الطفولة ونوجه اهتمامهم إلى ما يناسب أعمارهم من اللعب الهادف، وغرس القيم، وتعليم السلوكيات الصحيحة، لا أن نضحك ونصفق لما قد يكون بذرة سلوك سلبي لاحقًا. فالتربية مسؤولية، والطفولة أمانة، ولن نجد خيرًا من هدي النبي ﷺ الذي قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (أحمد بإسناد صحيح )».
حكم تنازل الخاطب عن الشبكة أو بعضها؟
فيما قالت دار الإفتاء تعتبر الخطبة وقبض المهر وقبول الشبكة من مقدمات الزواج، ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم مستوفيًا أركانه وشروطه الشرعية، فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه على إتمام الزواج كان للخاطب أن يسترد ما دفعه من المهر، ولم تستحق المخطوبة منه شيئًا، وكذلك الشبكة؛ لجريان العرف بكونها جزءًا من المهر؛ حيث يتفق الناس عليها عند إرادة الزواج؛ مما يخرجها عن دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر، والعرف معتبر في أحكام الشريعة الإسلامية؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: ١٩٩]، فكل ما شهدت به العادةُ قُضِيَ به لظاهر هذه الآية كما يقول الإمام القرافي في "الفروق".
جاء ذلك في إجابة سائل يقول: ما حكم تنازل الخاطب عن الشبكة أو بعضها؟ فقد سبق أن خطب رجلٌ فتاةً وعصى الله معها، ثم فسخ خطبته لها، وخطب أخرى، ثم عاد إلى الأولى بدافع تأنيب الضمير، فلما علمت الثانية وأهلُها بما فعل ووقفوا على التفاصيل والدوافع، قرروا فسخ خطبته؛ لعدم اطمئنانهم لأخلاقه، وأعلموه بهذا القرار، واتفق الطرفان وتراضيا على أن يُرجَع له نصف الشبكة التي كان قد قدمها، وتحتفظ هي بالنصف الآخر. فهل في هذا الاتفاق شيءٌ من الظلم له أو ما يخالف شرع الله بوجهٍ من الوجوه؟
وأوضحت الإفتاء: الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون له في حالة أن يعدل الخاطبان أو أحدهما عن الخطبة، وليس للمخطوبة منها شيء، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الرجل أو المرأة، إلا أن يتنازل الخاطب عنها أو عن بعضها، فلا بأس حينئذٍ أن تستبقي المخطوبة ما تنازل هو عنه في حيازتها وملكها؛ لأنه تَصرُّفٌ منه فيما يملك وقد تم برضاه وموافقته، فهو تَصَرُّفٌ صحيحٌ نافذٌ، وقد روى الدارقطني عن حبان بن أبي جَبلة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، فهذا الحديث يقرر أصل إطلاق تصرف الإنسان في ماله.
وشددت الإفتاء عليه وفي واقعة السؤال: فلا حرج على المخطوبة الثانية التي عَدلت عن الخطبة أن تحتفظ بنصف الشبكة التي كان قد قدمها لها الخاطب المذكور، ما دام قد ارتضى هذا واتفق عليه مع ذويها، وليس في ذلك أيّ ظلمٍ أو أيّ مخالفةٍ للشرع الشريف بوجهٍ من الوجوه.