ما حكم النداء قبل أذان الفجر بنصف ساعة؟.. الإفتاء توضح

في عدد من المساجد، اعتاد المؤذنون أن يرفعوا نداءً قبل أذان الفجر بنحو نصف ساعة، كإشارة تنبيه للناس ليستعدوا لصلاة الفجر أو ليختموا تهجدهم وعبادتهم. هذا الأمر أثار تساؤلات بين الناس: هل هو جائز شرعًا؟ وهل يُعد من السنن المشروعة أم مجرد عادة قد تُسبب لبسًا أو إزعاجًا للبعض؟
ما حكم النداء قبل أذان الفجر بنصف ساعة؟
ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ بلالًا يُؤذِّنُ بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يُؤذِّن ابن أم مكتوم»؛ وقد استدل جمهور العلماء بهذا الحديث على جواز الأذان قبل دخول الفجر، حتى أن الإمام البخاري بوَّب في صحيحه بعنوان: باب الأذان قبل الفجر.
لكن عند تطبيق هذه السنة، ينبغي مراعاة حال الناس وأوضاعهم؛ إذ إن قاعدة الشرع لا ضرر ولا ضرار. والمقصود من الأذان الأول هو تنبيه الصائمين ليتسحروا، أو تنبيه من أراد الوتر قبل طلوع الفجر، أو غير ذلك من المقاصد الشرعية. ولهذا يكفي أن يُرفع الأذان الأول من بعض المساجد المختارة في القرية أو المدينة، حتى يتحقق المقصود دون إفراط في التكرار أو إزعاج للناس بنداءات إضافية لا حاجة لها
فضل سنة الفجر
من أبرز النوافل التي رغبت فيها السنة وأكدت عليها: ركعتا الفجر، وهما سنة الفريضة. فقد ورد في الأحاديث النبوية أن هاتين الركعتين خير من الدنيا وما تحويه من متاع، وأنهما من أعظم القربات إلى الله تعالى، حتى إن النبي ﷺ لم يتركهما في سفر ولا حضر. فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها»، وقالت أيضًا: قال رسول الله ﷺ عن ركعتي الفجر: «لهما أحب إلي من الدنيا جميعًا» (رواه مسلم). وعلَّق الإمام النووي في شرحه على مسلم (6/5) بأن معنى ذلك: خير من متاع الدنيا.
وقت أداء سنة الفجر
الأصل أن تؤدى ركعتا الفجر قبل الصلاة المفروضة؛ لما ثبت في حديث أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: «من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة…» وذكر منها ركعتين قبل صلاة الفجر (رواه الترمذي والطبراني). وهذا ما قرره فقهاء المذاهب الأربعة في كتبهم مثل بدائع الصنائع، مواهب الجليل، المجموع، والمغني.
حكمها إذا أقيمت الصلاة
إذا أقيمت صلاة الفجر والمرء لم يصلِّ السنة، فقد اختلف الفقهاء:
• الحنفية: إن خشي أن تفوته ركعة الفجر كلها، يدخل مع الإمام ويترك السنة، أما إذا كان يتوقع إدراك ركعة واحدة، صلى السنة ثم لحق بالإمام.
• المالكية: إذا كان داخل المسجد وأقيمت الصلاة، يترك السنة ويلتحق بالإمام، أما إذا كان خارج المسجد ولا يخشى فوات الركعة الثانية، صلى السنة أولًا.
• الشافعية والحنابلة: بمجرد إقامة الصلاة، يلتحق المصلّي بالفريضة مباشرة ولا يشتغل بالسنة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أو لم يخش.
الفتوى المختارة
الراجح في الفتوى: الدخول في صلاة الفجر فور إقامتها، دون الانشغال بأداء السنة، لما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة». كما ورد أن النبي ﷺ لما رأى رجلًا يصلي السنة عند إقامة الفجر قال: «أصلاَتان معًا؟» (رواه الطبراني).