في ذكرى رحيله.. تعرف على مسيرة صلاح السقا رائد مسرح العرائس

تحل اليوم ذكرى رحيل رائد مسرح العرائس صلاح السقا، الذي غيّبه الموت في مثل هذا اليوم من عام 2010 بعد رحلة فنية طويلة جعلت اسمه مرادفًا للإبداع في واحد من أهم الفنون الشعبية التي عرفتها مصر والعالم العربي.
نشأة صلاح السقا
وُلد صلاح السقا، واسمه الكامل محمد صلاح الدين عبد العزيز السقا، في الأول من مارس عام 1932 بمدينة أجا بمحافظة الدقهلية. حصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس، لكنه سرعان ما ترك العمل في المحاماة ليتفرغ للفن الذي أحبّه. التحق بدورة تدريبية لفن العرائس على يد الروسي سيرجي أورازوف، الأب الروحي لفناني العرائس في العالم، ثم سافر إلى رومانيا حيث حصل على دبلوم في الإخراج المسرحي لهذا الفن، قبل أن يعود إلى القاهرة ليواصل دراسته ويحصل عام 1969 على ماجستير من معهد السينما قسم الإخراج.
ارتبط اسم صلاح السقا بميلاد مسرح القاهرة للعرائس، إذ حضر الرئيس جمال عبد الناصر عام 1960 أحد العروض المسرحية التي شارك فيها، فأبدى إعجابه الشديد وقرر إنشاء مسرح خاص للعرائس يكون السقا مديرًا له. ومن هنا بدأ مشواره الطويل الذي أرسى قواعد هذا الفن في مصر وفتح الباب أمام أجيال جديدة من الفنانين.
مسيرة صلاح السقا
قدّم صلاح السقا خلال مسيرته العديد من الأعمال المهمة التي بقيت حاضرة في وجدان الجمهور، لعل أشهرها على الإطلاق عرض “الليلة الكبيرة” الذي تعاون فيه مع الشاعر صلاح جاهين والملحن سيد مكاوي، وظل حتى اليوم أبرز عمل مسرحي عرائسي في العالم العربي. إلى جانب ذلك أخرج أعمالًا أخرى مثل “حلم الوزير سعدون”، “حسن الصياد”، “الأطفال يدخلون البرلمان”، “خرج ولم يعد”، “مقالب صحصح وتابعه دندش”، “أبو علي”، “عودة الشاطر حسن”، “عقلة الصباع”، “الديك العجيب”، و”حكاية سقا”.
لم يقتصر دوره على الإخراج المسرحي، بل ساهم في تأسيس مسارح للعرائس بعدد من الدول العربية من بينها سوريا، الكويت، قطر، تونس والعراق، كما أنجز أبحاثًا مهمة حول تاريخ هذا الفن أصبحت مراجع أساسية لطلاب المعاهد الفنية وكليات التربية.
مناصب صلاح السقا
إلى جانب إبداعاته، تقلّد صلاح السقا عددًا من المناصب القيادية في المجال الفني والثقافي، حيث تولى إدارة مسرح العرائس منذ تأسيسه وحتى عام 1992، ثم أصبح رئيسًا للبيت الفني للمسرح بين عامي 1988 و1990، كما تولى رئاسة المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وشغل منصب وكيل أول وزارة الثقافة، فضلًا عن عضويته في الهيئة العالمية لفنون ومسارح العرائس “UNIMA”.
جوائز صلاح السقا
نال صلاح السقا خلال مسيرته العديد من الجوائز والأوسمة داخل مصر وخارجها، من بينها الجائزة العالمية الثانية من بوخارست في بداياته، والجائزة الأولى من برلين عام 1973، وشهادة تقدير من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980، إلى جانب تكريم خاص من عمدة بلدة مستل باخ بالنمسا بمناسبة عرض “الليلة الكبيرة” عام 1989، وميدالية ذهبية من مهرجان دول البحر المتوسط بإيطاليا عام 1986، بالإضافة إلى درع مميز من مهرجان جرش بالأردن عام 1985، وتكريم من المهرجان القومي للمسرح في مصر.
ورغم أن الجمهور يعرفه أيضًا بصفته والد الفنان أحمد السقا والفنانة فاطمة السقا، إلا أن مسيرته المهنية تركت أثرًا مستقلًا جعل اسمه حاضرًا بقوة في تاريخ المسرح المصري والعربي.
رحيل صلاح السقا
رحل صلاح السقا في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 2010، لكن إرثه الفني ظل حاضرًا حتى اليوم، وتبقى “الليلة الكبيرة” أكبر شاهد على عبقريته، وعملًا خالدًا يجمع بين الفن الشعبي والخيال المسرحي في صورة لا تزال تدهش الأجيال المتعاقبة