عاجل

ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المؤذن عقب الأذان؟

الأذان
الأذان

يُعَدُّ الأذان من أعظم الشعائر الإسلامية الظاهرة التي تميِّز الأمة وتعلن هويتها، وهو النداء الخالد الذي ارتبط بالصلاة، عمود الدين وأعظم أركانه العملية. به يُعلَن دخول الوقت، وبه تجتمع القلوب على الطاعة، وهو في الوقت نفسه ذكرٌ لله تعالى يتردّد في الآفاق، يرفع مقام المؤذنين ويشهد لهم يوم القيامة. فما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المؤذن عقب الأذان؟

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقب الأذان سنة ثابتة بالأحاديث الصحيحة، فقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ»
رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

الإطلاق في كيفية الصلاة على النبي بعد الأذان

لم يرد نصٌّ ملزِم بكيفية محددة في أداء الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان، فلم يوجب الشرع الشريف الجهر بها ولا الإسرار، مما يدل على أن الأمر فيه سعة ورحابة.
وقاعدة الشريعة أن ما شرعه الله على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله أكثر من وجه، فإنه يُؤخذ على إطلاقه ولا يقيَّد بوجه معين إلا بدليل خاص.


ثبوت الجهر بالصلاة على النبي بعد الأذان

ورد في بعض الآثار ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يجهر بالصلاة عليه بعد سماع الأذان، ليُسمِع من حوله ويحب أن يرددوا مثله. فقد روى الطبراني في كتاب الدعاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع المؤذن يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِهِ سُؤْلَهُ يَومَ القِيَامَةِ».
وكان يُسمع من حوله ذلك، ويحب أن يردده المسلمون إذا سمعوا الأذان، ثم قال: «وَمَن قَالَ مِثْلَ ذَلكَ إِذَا سَمِعَ المُؤَذِّنَ، وَجَبَت لَهُ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّم يَومَ القِيَامَةِ».

سعة الأمر في الجهر والإسرار

من هنا يظهر أن المسألة من مسائل السعة، فمن شاء جهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن شاء أسرّ بها، ومن أحب زيّن صوته بها متضرعًا، ومن أحب اقتصر على صيغة مختصرة.
ولا حرج كذلك في أن تكون موصولة بالأذان أو مفصولة عنه بفاصل زمني قصير، إذ لا خشية في التباس الأذان بكلمات أخرى، فالأذان ألفاظه محفوظة معروفة.

لا إنكار في مسائل السعة

والراجح أن يُترك الناس على ما يختارون في هذه السنة، فيجهر من أحب، ويُسرّ من أراد، والعبرة أن يوافق المسلم قلبه ويخشع بها بين يدي الله.
ولا يجوز لأحد أن يُنكِر على غيره في ذلك ما دام داخلًا في حدود المشروعية، فالأمر فيه متسع، والخلاف فيه سائغ، والمقصد واحد وهو الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ونيل بركتها وفضلها

تم نسخ الرابط