«الستات» يثير الجدل: هل قرار الزواج حرية شخصية أم محاكمة اجتماعية؟

أثار برنامج "الستات" المذاع عبر شاشة قناة النهار جدلًا واسعًا، بعد مناقشة قضية من القضايا الشائكة التي تهم كل بيت عربي ومصري على وجه الخصوص: هل قرار الارتباط والزواج هو حرية شخصية بحتة، أم أنه خاضع لمحاكمة اجتماعية تشارك فيها الأسرة والمجتمع؟ وهل الحب وحده يكفي لاتخاذ قرار مصيري بهذا الحجم؟
الحرية الشخصية بين الواقع والمجتمع
طرحت الإعلامية سهير جودة السؤال بوضوح: "هل قرار الارتباط حرية شخصية، أم محاكمة اجتماعية بمعنى أن أسرتك والمجتمع شريك في هذا القرار؟".
هذا الطرح فتح الباب أمام نقاش معمّق حول مدى استقلالية الفرد في قراراته العاطفية والمصيرية، خاصة في ظل تقاليد وموروثات تجعل من الزواج ليس مجرد علاقة بين شخصين، وإنما تحالفًا بين عائلتين.
مفيدة شيحة: القرار شخصي بموافقة اجتماعية
من جانبها، أكدت الإعلامية مفيدة شيحة أن قرار الزواج في جوهره شخصي، لكنه لا ينفصل عن موافقة المجتمع والأسرة ، وقالت:"قرار الجواز هو قرار شخصي بموافقة اجتماعية، ولو الموافقة الاجتماعية تعارضت مع قراري الشخصي، هيبقى على حسب قوتي وصمودي. لو أنا أقوى، قراري هيمشي، ولو المجتمع أقوى، ساعتها رأيهم هو اللي هيسود."
وبهذا الطرح وضعت شيحة القضية في إطارها الواقعي، حيث الصراع الدائم بين قناعة الفرد وضغوط المجتمع.
الحب.. هل يكفي؟
أما سهير جودة فقد وسعت زاوية النقاش لتضع الحب تحت المجهر، مؤكدة أن الارتباط في مجتمعاتنا ليس مجرد مشاعر، بل "أسر بتجوز أسر". وأشارت إلى أن العمر عامل أساسي في هذه المعادلة، إذ أن الشباب في مقتبل حياتهم قد يتمسكون بالمشاعر أكثر، من دون أن يفتحوا زاوية الرؤية لرؤية ما يراه الأهل ولا يدركونه هم.
وهذا التصريح يعكس التوتر الأزلي بين الأجيال، حيث يرى الأهل بعين التجربة والحذر، بينما يرى الشباب بعين العاطفة والحلم.
المجتمع والقرار المصيري
النقاش الذي دار في البرنامج يعكس بدقة المعضلة التي يعيشها الكثيرون عند التفكير في الزواج: هل أختار بقلبي فقط، أم أترك مساحة لعقل الأسرة والمجتمع ليتدخلوا في القرار؟
بين الحرية الفردية التي تضمن للفرد أن يكون صاحب مصيره، وبين الضغوط الاجتماعية التي ترى في الزواج شراكة أكبر من مشاعر شخصين، تبقى الحقيقة أن التوازن بين الاثنين هو ما يحسم نجاح التجربة أو فشلها.
قد يكون الحب هو الشرارة الأولى التي تشعل قرار الارتباط، لكنه ليس وحده كافيًا لضمان الاستمرار ، فالمجتمع له كلمته، والأسرة لها حضورها، والتجربة أثبتت أن الزواج الناجح يحتاج إلى مزيج من الحب، العقل، والنضج الاجتماعي.
برنامج "الستات" فتح الباب أمام حوار لا ينتهي، لأنه ببساطة يمسّ حياة كل إنسان، ويعيد السؤال الأهم: هل نحن أحرار حقًا في قرارات قلوبنا، أم أن المجتمع هو القاضي والحَكم الأخير؟