عاجل

زومبي الشوارع ومتسولي الأنفاق.. المخدرات قنبلة موقوتة تهدد حياة المواطنين |صور

متعاطي المخدرات والمتسولين
متعاطي المخدرات والمتسولين

انتشرت خلال الشهور القليلة الماضية ظاهرة خطيرة تهدد حياة المواطنين بالشارع المصري، حيث أصبح المشهد اليومي في شوارع القاهرة الكبرى وعدد من المحافظات الأخرى مليئة بالصور المقلقة، فمنها  شباب يتمايلون تحت تأثير المخدرات، متسولون يملأون الإشارات المرورية، وأطفال صغارضحايا لأسر لم تعرف معنى الأبوة بعد، تركوهم يملؤن الشوارع  يمدون أيديهم للمارة في مشاهد تدمي القلوب. هذه الظاهرة لم تعد مجرد حالات فردية كما كان يُعتقد سابقًا، بل تحولت إلى أزمة متفاقمة تهدد أمن المواطنين وسلامة المجتمع ككل. 

متعاطي المخدرات والمتسولين تحت الكباري.. قنبلة موقوتة تهدد حياة المواطنين

فالمشهد الأكثر وضوحا تجده أسفل الكباري وعلى أطراف الطرق السريعة وداخل أشارات المرور حيث الملاذ الأمن ،وجو العمل المربح الذي يمكن الأطفال من تتبع المارة والإلحال عليهم من اجل الحصول على الأموال، فالشاهد والمتابع  لقضايا أطفال التسول وأوكار المخدرات يرى هذه المناطق تحولت إلى أوكار لمتعاطي المخدرات والمتسولين، يعيشون فيها بلا رقيب ولا حسيب، ويشكلون خطورة يومية على المارة والسائقين، الأمر لم يعد مجرد إزعاج بصري، بل بات تهديدًا مباشرا للحياة والمواطنين.

المخدرات طريق الجنون والجريمة

لم يعد تعاطي المخدرات سرا يمارس في الخفاء، بل صار مشهدا علنيا يراه الجميع، شباب يجلسون في دوائر تحت الكباري، يتبادلون "الاستروكس" و"البودر"، ويدخلون في حالات غيبوبة أو هياج لا يمكن التنبؤ بعواقبها، بعضهم يفقد الوعي في منتصف الشارع، وآخرون يدخلون في مشاجرات تنتهي أحيانا بجروح أو طعنات.

فالمخدرات لم تترك ضحاياها في عزلة، بل دفعتهم إلى ارتكاب جرائم بشعة،  فكثير ما نرى حوادث سرقة بالإكراه أو اعتداء مسلح كان وراءها متعاطي للمخدرات فقد السيطرة على نفسه، وكم من أسرة تمزقت بسبب شاب انجرف إلى هذا المستنقع القاتل؟

فالأخطر أن المواد المخدرة الرخيصة والمنتشرة مثل "الاستروكس" و"الفودو" جعلت الإدمان في متناول الجميع، خاصة المراهقين، فهذه السموم الرخيصة تحول متعاطيها في دقائق إلى زومبي فاقد للإدراك، يهدد نفسه ومن حوله.

التسول تجارة مربحة على حساب كرامة الأطفال 

إلى جانب المخدرات، يطل وجه آخر لا يقل خطورة،  التسول يكفي أن تمر بإشارة مرور في مناطق مثل وسط البلد، ورمسيس أو العجوزة، لتجد نفسك محاصرًا بعشرات المتسولين، نساء يحملن أطفال رُضع، رجال في أعمار متفاوتة، والأكثرمنهم أطفال صغار يقفون أمام السيارات يستجدون العطف.

فالظاهر ما يبدو فقرا وحاجة،  ليس في كثير من الأحيان إلا واجهة لعصابات منظمة تستغل هؤلاء، خصوصا الأطفال، فكثير من البلاغات والتحقيقات كشفت أن وراء بعض فرق التسول شبكات إجرامية تدير العملية، وتوزع الأدوار والأماكن، وتجمع الأموال آخر اليوم كأنها تجارة حقيقية على طريقة فيلم العفاريت. 

الأمر الذي لا يقف عند مجرد استجداء المال، بل يتطور إلى مضايقة المارة والركاب، بل وأحيانًا الاعتداء عليهم إن رفضوا الدفع، وهناك من يستخدم الأطفال كأداة ضغط، يتركونهم في الشمس الحارقة أو ليثيروا الشفقة، بينما العائد يذهب إلى جيوب العصابة.

 

البؤر الأخطر أسفل الكباري

البؤر الأخطر أسفل الكباري حيث تحولت إلى ملاذ لهؤلاء جميعا فالمتعاطي الذي يبحث عن مكان يختبئ فيه ليستهلك جرعته، والمتسول الذي يتخذها نقطة انطلاق أو مكان مبيت، فبين الظلام والغياب ومطاردة أجهزة الأمن لهم جعل هذه البقع أوكار خطيرة، يدخلها ويخرج منها المئات يوميا، هذه الأماكن لم تعد مجرد مأوى، بل تحولت إلى أسواق سوداء مصغرة، هناك تُباع وتُشترى المخدرات، وهناك يتم استغلال الأطفال في أعمال  تسول أو سرقة ، فبعض الأهالي القريبين من هذه المناطق يؤكدون أنهم يسمعون أصوات مشاجرات يومية، ويشاهدون سيارات ودراجات تتوقف لتسليم أشياء غامضة ثم تغادر بسرعة.

فقد أصبح وجود هؤلاء تحت الكباري لا يشكل فقط خطر مباشر على الأمن، بل يخلق أيضًا حالة من الرعب النفسي،  أي مواطن يمر بجانب هذه البؤر يشعر بعدم الأمان، خصوصا النساء والفتيات الذي يتعرضون  لمضايقات متكررة من قبل المتعاطين أو المتسولين.

حوادث متكررة تؤكد الخطر

وقد شهد الشارع المصري من الحوادث التي تعكس خطورة الظاهرة، فمنها فيديو العجوزة الذي انتشر مؤخرًا، وأظهر شابين في حالة فقدان وعي تام، لم يكن إلا نموذج لخطورة المخدرات على  المتعاطي والمواطنين،   وكانت قبله مقاطع أخرى من مشاهد لمتعاطين يتساقطون على الأرض، أو يهاجمون المارة في نوبات هياج، أما في ما يخص التسول، فكثير من المواطنين اشتكوا من اعتداءات مباشرة عند رفض إعطاء المال،  وهناك من تعرض للسرقة عند الإشارة، وهناك من تم تهديده بالأسلحة البيضاء، كما ضبطت الأجهزة الأمنية في حملات سابقة.

الثقب الأسود الذي كشف المستور

القضية بلغت ذروتها حين نشر أحد رواد موقع فيسبوك منشورا مثيرا للجدل، وصف فيه فتحة أسفل أحد الكباري بالجيزة بـ"الثقب الأسود" أوضح في منشوره أن المكان يشبه مغارة تحت الكوبري، له مدخل رئيسي ومخارج متعددة، ويقصده رجال ونساء وأطفال بشكل يومي.

وقال فيه المتابعة التي أجراها فريق من المتطوعين على مدار ثلاثة أشهر كشفت مشاهد صادمة: أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا يبيتون في الداخل، ثم يخرجون صباحًا للتسول في الشوارع القريبة، نساء يدخلن ومعهن أغراض غامضة، وأشخاص يتسلمون أشياء من سيارات متوقفة ليلا ويغادرون بسرعة.

المنشور أثار ضجة واسعة، ودفع الأجهزة الأمنية للتحرك،  بالفعل تمت مداهمة المكان وضبط عدد من المتهمين، من بينهم أطفال ونساء ورجال لهم سوابق جنائية، إضافة إلى ضبط أسلحة بيضاء، كما كشفت التحريات أن بعضهم استغل الأطفال في التسول وبيع السلع بالإكراه في المنطقة المحيطة.

رغم الحملات الأمنية والتحركات المستمرة، إلا أن الظاهرة ما زالت ماثلة أمام أعين الجميع، تحت الكباري وفي الإشارات وعلى الأرصفة، يظل مشهد المتسولين والمتعاطين حاضرًا، يهدد الأمن ويزيد المخاوف.

حادثة "الثقب الأسود" لم تكن استثناءً، بل مثال فاضح على ما يجري في أماكن مشابهة كثيرة لم تكشف بعد،  وإذا استمرت الأمور على هذا الحال، فإن الشوارع قد تتحول إلى ساحات فوضى يومية، يدفع ثمنها المواطن العادي الذي لا ذنب له سوى أنه وجد نفسه وجها لوجه مع مدمن أو متسول في لحظة غير متوقعة.

تم نسخ الرابط