جامع الزهد والفقه.. من هو حكيم الزوايا الشيخ البَدري الأسيوطي؟ باحث يكشف

سلط الباحث مصطفى زايد المتخصص في الشأن الصوفي الضوء على الشيخ البَدري الأسيوطي، حكيم الزوايا وذاكرةُ الميدان، فمن هو وما حكايته؟
الشيخ البدري الأسيوطي
يظلّ اسم الشيخ عبد البدر بن علي بن محمد بن عطية الحسيني الأسيوطي علامةً مضيئة في تاريخ أسيوط الروحي والعلمي، إذ اجتمع في سيرته النَّسَب الرفيع، والعلم الشرعي، والتصوف الزاهد، ومعرفة طبّية بالنباتات والأعشاب جعلته بين أبرز أعلام زمانه.
ينحدر الشيخ من آل البيت النبوي الشريف، ويؤكد ذلك ما جاء في مخطوطة «تحفة الأحباب فيمن حوى من الأسيوطيين الأنجاب» للشيخ حسن الإبراهيم الأسيوطي المتوفى سنة 1171هـ/1757م، حيث ذكره باسمه الكامل ونسبه الحسيني. ويُعدّ هذا النصّ المرجع الأوثق لتاريخ أسيوط، إذ دوّنه مؤرخ عاش قريبًا جدًا من عصر الشيخ أو عاصر تلاميذه مباشرة، ما يمنحه قيمة المصدر الأولي.
كان الشيخ البَدري عالمًا وفقيهًا وصوفيًّا خلوتيًّا، جمع بين الزهد والفقه، وهو ما أثبته أيضًا المؤرخ ذاته في المخطوطة نفسها. في ذلك العصر العثماني كانت الزوايا العلمية الصوفية مراكز إشعاع ديني واجتماعي، فتؤكد شهادته أن مصطلح «صوفي» دلّ على عالم زاهد لا مجرد صاحب طقوس.
اشتهر كذلك بخبرته في العقاقير والنباتات الطبية، فقد أورده الدكتور عمار النهار في موسوعته «أعلام النباتيين من العرب والمسلمين» باعتباره من الحكماء العشابين البارزين. هذا التوثيق الأكاديمي المحكّم يعزز الرواية الشفاهية المتواترة في أسيوط حول مهارته في التداوي بالأعشاب.
يقع ميدان الشيخ البدري في قلب مدينة أسيوط، وسُمّي باسمه لأنه كان مقر زاويته ومسكنه ثم مثواه الأخير. هذا ما يثبته التاريخ الشفهي المتوارث، وتعضده شهادة علي مبارك باشا في «الخطط التوفيقية» الذي سجّل أسماء الأحياء والمعالم كما عرفها في القرن التاسع عشر، مؤكّدًا قِدم التسمية وارتباطها بالشيخ وضريحه القائم إلى اليوم.
أما زمن حياته، فيُستدل عليه من تاريخ وفاة مؤرخ المخطوطة حسن الأسيوطي (1171هـ). إذ جرت العادة أن يترجم المؤرخ لمن عاصرهم أو سبقوه مباشرة، ما يرجّح أن وفاة الشيخ البَدري كانت في أواخر القرن الحادي عشر أو أوائل الثاني عشر الهجري (القرن السابع عشر وأوائل الثامن عشر الميلادي).