حديث «اضمنوا لي ستًّا أضمنْ لكم الجنة».. علي جمعة يوضح معناه وما هي

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، في بيان حديث: «اضمنوا لي ستًّا أضمنْ لكم الجنة»، أن الله تعالى أخبر أن الصدق منَّة يمتنُّ الله بها على عباده الصالحين وأنبيائه الكرام عليهم السلام، فقال: {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}[مريم: 50].
حديث «اضمنوا لي ستًّا أضمنْ لكم الجنة»
وتابع علي جمعة: بيَّن سبحانه أن الفتن والابتلاءات لا تكون إلا لتمحيص الناس ومعرفة الصادقين والكاذبين، فقال جل وعلا: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 3]، وقال سبحانه: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}[الأحزاب: 8].
وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من الأحاديث التي تدعو إلى الصدق وتأمر به، فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إيَّاكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا. وعليكم بالصدق، فإن الصدق برٌّ، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقًا» (متفق عليه).
واستدل علي جمعة أيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستًّا أضمنْ لكم الجنة: اصدقوا إذا حدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم» (صحيح ابن حبان).
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يطوي المؤمن على الخلال كلها غير الخيانة والكذب» (مصنف ابن أبي شيبة). وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول من يدخل الجنة التاجر الصدوق» (المصنف لابن أبي شيبة).
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة» (المستدرك على الصحيحين).
فإذا تقرر ما سبق، علمنا أن الصدق نجاة وقوة؛ لأن الصادق لا يخشى من الإفصاح عما حدث بالفعل، لأنه متوكِّل على الله، أما الكذاب فيخشى الناس، ويخشى نقص شأنه أمامهم، فهو بعيد عن الله.
بين علي جمعة وإنما يكذب الكذاب لاجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى أن الكذب أسلم وأغنم، فيرخص لنفسه فيه اغترارًا بالخُدع، واستشفافًا للطمع. وربما كان الكذب أبعد لما يُؤمَّل، وأقرب لما يُخاف؛ لأن القبيح لا يكون حسنًا، والشر لا يصير خيرًا، وليس يُجنى من الشوك العنب، ولا من الكرم الحنظل.
وشدد: نحن نعيش في زمان عجيب كثرت فيه الإغراءات، وإن تخلينا عن أخلاقنا الحميدة وعن الصدق فسوف نذوب في هذا العالم المتلاطم. ولذلك ينبغي للمسلم أن يتذكر دائمًا ما طلبه الله منه في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من التزام الصدق والنزاهة حتى يفوز بسعادة الدارين.