عاجل

بيان فضل ماء زمزم وخصائصه وهل يجوز استعماله في غير الشرب..الإفتاء توضح

ماء زمزم
ماء زمزم

يُعد ماء زمزم من أعظم نِعم الله على المسلمين، فهو ماء مبارك ارتبط بالكعبة المشرفة وبقصة السيدة هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام، ويتميز بخصوصية دينية وروحية جعلته مقصدًا للحجاج والمعتمرين، لما ورد في الأحاديث النبوية من فضله وكونه شفاءً وسدادًا للحاجات


فضل ماء زمزم

 زمزم: اسمٌ للبئر المعروفة بمكة المُكرَّمة عند بيت الله الحرام، وماؤه خيرُ ماءٍ على وجه الأرض، وأفضل أنواع المياه بعد الماء النابع من أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، ويكفي هذا الماءَ شرفًا أن الله تعالى اختاره لتَغسل به الملائكة الكرام صدر النبي المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام في حادثة "شقِّ الصدر الشريف" المشهورة.

وقد جُمِع لماء زمزم من الفضل والشرف ما لم يُعرف لغيره؛ ففيها معنى الطعام، والشراب، والشفاء؛ وقد تواردت على ذلك نصوص السنة النبوية المطهرة؛ ومنها ما يلي:

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ؛ فِيهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقْمِ» أخرجه الطبراني في معجميه "الأوسط" و"الكبير" من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ» أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

وعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "كُنَّا نُسَمِّي زَمْزَمَ شَبَّاعَةَ، وَنَزْعُمُ أَنَّهَا نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى الْعِيَالِ" أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، والطبراني في "المعجم الكبير".

وكان سيدنا العباس رضي الله عنه يقول: "ما أُحِبُّ أنَّ لي بها جميعَ أموالِ أهلِ مكةَ" أخرجه ابن سعد في "الطبقات". 

ما حكم استعمال ماء زمزم في غير الشرب؟

أوضحت دار الإفتاء أن استعمال ماء زمزم في غير الشرب في شيء ليس فيه امتهان للماء عند استعماله كالوضوء والاغتسال جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، أما استعماله في شيء يُنبئ عن امتهان الماء عند الاستعمال كنحو إزالة النجاسة به -مثلًا- فيكون حينئذٍ مكروهًا ينبغي تركه، وذلك ما لم يتعين استعماله فيها، فإن تعين لعدم وجود غيره فلا حرج في استعماله حينئذٍ للحاجة التي تدفع الكراهة بها.

يان فضل وبركة ماء زمزم


ماءُ زمزم ماءٌ مبارك، أكدت نصوص الشرع على خصوصيته وأفضليته، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عن مياهها: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» رواه مسلم.

قال القاضي عياض في "إكمال المُعْلم": [ومعناه: يغنى شاربها عن الطعام، أي: أنها تصلح للأكل... ويكون طعم جمع طعوم، أي: أنها تشبع من كثر أكله، وقيل: يكون معناه: طعام مسمن، ومن أسمائها أيضًا: شفاء السقم، ومصونة، وبرة وطيبة، وشراب الأبرار] .

ومن بركته أنه ينفع الشارب في الأغراض التي يشربه من أجلها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ فَإِنْ شَرِبْتَهُ تَسْتَشْفِي بِهِ شَفَاكَ اللَّهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ مُسْتَعِيذًا عَاذَكَ اللَّهُ، وَإِنْ شَرِبْتَهُ لِيَقْطَعَ ظَمَأَكَ قَطَعَهُ» رواه الحاكم في "المستدرك"، ورواه ابن ماجه، وأحمد من رواية جابر رضي الله عنه بألفاظ متقاربة.

قال العلامة الصاوي في "حاشيته على الشرح الصغير" : [قوله: «ماء زمزم لما شرب له»: أي: فيحصل ما قصده بالنية الحسنة لنفسه أو لغيره] اهـ.

ولهذه الأفضلية نَصَّ العلماء على استحباب الإكثار من الشرب من ماء زمزم.

قال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل للخرشي" : [(ص) وكثرة شرب ماء زمزم، ونقله (ش) أي: ومما يستحب لكل من بمكة أن يكثر من شرب ماء زمزم... ويكثر من الدعاء عند شربه، وليقل: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، وشفاءً من كل داء، وصحح «ماء زمزم لما شرب له»، ابن عيينة من المتقدمين، والحافظ الدمياطي من المتأخرين] .

حكم استعمال ماء زمزم في غير الشرب


أما عن استعماله في غير الشرب، فهذا الاستعمال لا يخلو من أمرين: إما أن يكون في شيء ليس فيه امتهان للماء عند استعماله كالوضوء والاغتسال، وإما أن يكون في شيء يُنبئ عن امتهان الماء عند الاستعمال كنحو إزالة النجس به مثلًا.

فإذا كان استعماله في شيء لا يوحي بامتهان الماء عند استعماله كالوضوء والاغتسال فإن جمهور الفقهاء على جواز استعماله بلا كراهة، ونص بعضهم على استحبابه في الوضوء والغسل كالمالكية.

قال الإمام الطحطاوي الحنفي في "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (ص: 21-22، ط. دار الكتب العلمية): [فائدة: يجوز الوضوء والغسل بماء زمزم عندنا من غير كراهة بل ثوابه أكبر، وفصَّل صاحب "لباب المناسك" آخر الكتاب فقال: يجوز الاغتسال والتوضؤ بماء زمزم إن كان على طهارة للتبرك].

وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل للخرشي": [ومما يستحب لكل من بمكة أن يكثر من شرب ماء زمزم ويتوضأ ويغتسل به ما أقام بمكة] .

وقال الإمام الروياني الشافعي في "بحر المذهب": [لا يكره الوضوء والغسل بماء زمزم] .

وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" : [ولا يكره الوضوء منه ولا الغسل على المذهب] 

وإذا كان استعماله في شيء يُنبئ عن امتهان الماء عند الاستعمال كنحو إزالة النجس به مثلًا، فإن هذا الاستعمال مكروه، تشريفًا للماء، كما نص على ذلك فقهاء المذاهب، وذكر بعضهم حرمته.

تم نسخ الرابط