ما حكم استعمال وسائل تنظيم الحمل؟ الإفتاء توضح الشروط

أكدت دار الإفتاء المصرية أن استعمال وسائل تنظيم الحمل بهدف المباعدة بين فترات الولادة جائز شرعًا ولا حرج فيه، ما دام الغرض منه المحافظة على صحة الأم أو توفير البيئة المناسبة لتنشئة الأبناء تنشئة سليمة، مؤكدة أن منع الحمل المؤقت يختلف تمامًا عن التحكّم في الإنجاب بصفة نهائية، الذي لا يُستحب إلا لضرورة معتبرة شرعًا.
ما حكم استعمال وسائل تنظيم الحمل؟
وفي بيان رسمي لها، أوضحت الدار أن الشريعة الإسلامية لم تنهَ عن تقليل النسل أو تنظيمه تنظيمًا مؤقتًا، بل جاءت نصوصها مستوعبة لمختلف الأحوال والضرورات، خاصة إذا ترتب على كثرة الإنجاب ضرر صحي أو نفسي أو اجتماعي، مشيرة إلى أن تنظيم الحمل لا يتعارض مع المقصد الشرعي في حفظ النسل، ما دام لا يؤدي إلى الإجهاض أو القتل العمد بعد تمام خلق الجنين.
أدلة من السنة النبوية
استندت دار الإفتاء إلى ما ثبت من أحاديث صحيحة عن النبي ﷺ تُقرّ العزل كوسيلة طبيعية لمنع الحمل، منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:«كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ»
وهو ما يدل -بحسب دار الإفتاء- على أن تنظيم الحمل بوسائل مشروعة لا حرج فيه شرعًا، قياسًا على جواز العزل الذي أقرّه النبي صلى الله عليه وسلم ضمنيًا بسكوته عنه.
وأشارت الدار إلى أن جمهور العلماء أجازوا تنظيم الحمل بموافقة الزوجين، واعتبروه من الوسائل المباحة شرعًا إذا اقتضته الحاجة، وذلك من باب التيسير ورفع الحرج، خصوصًا في الحالات التي تتعلق بسلامة الأم، أو مصلحة الأسرة، أو القدرة على رعاية الأطفال.
شروط الجواز.. وتحفّظ على المنع الدائم
وبيَّنت دار الإفتاء أن الجواز يشمل جميع الوسائل الطبية الحديثة التي تؤدي إلى تأخير الحمل أو تنظيمه، بشرط أن تكون آمنة صحيًّا، وألا يكون من ورائها ضرر مؤكد، كما نبهت إلى أن الوسائل التي تؤدي إلى التعقيم الدائم أو إيقاف القدرة على الإنجاب نهائيًّا لا تجوز إلا لعذر طبي قهري يُقَرّ من جهة طبية موثوقة.
وشددت الفتوى على أن الآيات القرآنية التي تُحرِّم قتل الأولاد خشية الفقر، مثل قوله تعالى:﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾ [الإسراء: 31]
لا تنطبق على حالات تنظيم النسل، لأن هذه الآيات تتحدث عن قتل الأولاد بعد وجودهم، بينما تنظيم الحمل يتم قبل التلقيح والخلق.
الفرق بين التنظيم والإجهاض
وأكدت الدار أن منع الحمل لا يُعدّ قتلًا ولا وأدًا، لأنه يتم قبل خلق الجنين، أما الإجهاض بعد ثبوت الحمل وتخلّق الجنين فلا يجوز شرعًا، إلا لضرورة محققة تتعلق بصحة الأم وبقرار طبي موثوق، مشيرة إلى حديث النبي ﷺ الذي يوضح مراحل تخلق الجنين، ويبين متى تنفخ فيه الروح، حيث قال ﷺ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا... ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» رواه البخاري.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالقول:"يجوز للزوجين أن يستعملا وسائل تنظيم الحمل على سبيل المباعدة بين الولادات، دون نية منع النسل تمامًا، شريطة أن يتم ذلك برضاهما المشترك، وألا يترتب عليه ضررٌ صحي أو نفسي، وأن تُستخدم وسائل مأمونة طبيًّا، وأن لا يتضمّن ذلك إجهاضًا بعد ثبوت الحمل، إلا لعذر قهري يقدّره الطبيب الثقة".