هرم «حبنو» بالمنيا.. أقدم من أهرامات الجيزة وأسرار لم تُكشف بعد|تقرير

تقف صحراء «الكوم الأحمر» بالمنيا، عروس الصعيد، شاهدة على سر دفين هناك، على ضفاف النيل الشرقية، حيث يمتزج عبق التاريخ بصفاء الطبيعة، بين الرمال الصفراء والجبال الصخرية، يرقد هرم غامض اسمه «حبنو»، يرويه الأهالي كأنه أسطورة، بينما تؤكد الدراسات أنه ربما يسبق أهرامات الجيزة عمرًا وحضارة، هرم لم يكتمل بناؤه، دفنته الرمال مرتين، وأعادت البعثات الأجنبية اكتشافه، لكنه ظل لغزًا لم تُكشف جميع تفاصيله حتى الآن.

المنيا متحف مفتوح على مر العصور
تُعد محافظة المنيا واحدة من أهم محافظات مصر الأثرية، إذ جمعت بين الحضارة المصرية القديمة واليونانية والرومانية، وصولًا إلى الآثار القبطية والإسلامية، ومع ذلك، يبقى «الكوم الأحمر» بمنطقة زاوية سلطان شرق النيل، على بعد 10 كيلومترات من مدينة المنيا، من أبرز المواقع الأثرية الفريدة التي تلفت أنظار الباحثين.
عاصمة الإقليم السادس عشر
تشير الدراسات التاريخية إلى أن منطقة الكوم الأحمر كانت تمثل عاصمة الإقليم السادس عشر من أقاليم مصر القديمة، وكان يرمز له بحيوان «الوعل»، أحد فصائل الغزلان، ما يعكس الأهمية الدينية والسياسية لتلك المنطقة في ذلك العصر.
اكتشافات متكررة عبر الزمن
تم اكتشاف هرم «حبنو» لأول مرة عام 1845 على يد العالم الألماني "بسليوس"، قبل أن تعاود الرمال ابتلاعه وتخفيه عن الأنظار، ولم يظهر مجددًا إلا عام 1912 على يد بعثة ألمانية أخرى، أعادت لفت الأنظار إلى واحد من أقدم الأهرامات المصرية.

أقدم من أهرامات الجيزة
خلصت الأبحاث العلمية إلى أن الهرم يرجع إلى عصر الأسرة الثالثة، أي أنه يسبق بناء أهرامات الجيزة الشهيرة، مما يضعه في مكانة خاصة ضمن تطور فن العمارة الجنائزية في مصر القديمة، وقد شُيد الهرم بشكل مدرج، في محاولة لمحاكاة هرم الملك زوسر الشهير بسقارة.
أبعاد هندسية مثيرة
يتخذ هرم «حبنو» شكلًا مدرجًا، يصل طول كل ضلع فيه إلى نحو 22 مترًا و40 سنتيمترًا، ورغم صلابته، إلا أن البناء لم يكتمل من أعلى، ما جعله يبدو وكأنه مفتوح، وسط تكهنات بأن هذه الفتحة تعود لمحاولات بعثات قديمة البحث عن محتوياته الداخلية.
أسرار الممرات والفتحات
تشير بعض الدراسات إلى وجود ممرات أسفل الهرم لم تُبحث حتى الآن، ما يزيد من غموضه، ويظل السؤال مطروحًا: هل تحمل هذه الممرات أسرارًا جديدة عن طقوس الدفن أو عن هوية الحاكم الذي شُيّد الهرم في عهده.

المقبرة المجاورة لمحة أخرى من التاريخ
إلى جوار الهرم، تقع مقبرة «نفرسخرو» أعلى الجبل الشرقي، والتي ترجع لعصر الدولة الحديثة، كانت المقبرة تحوي تمثالًا للإله «حوتي» إله الحكمة عند المصريين القدماء، إلا أن هوية الحاكم الذي ارتبط بهذا المكان ما تزال مجهولة حتى الآن.
قيمة أثرية تستحق الاهتمام
رغم مرور قرون طويلة، لا يزال هرم «حبنو» يحتفظ بأسراره، ويُعد شاهدًا على عبقرية المصري القديم في العمارة والفكر، لكن غياب التنقيب الكافي عن ممراته الداخلية يجعله واحدًا من الألغاز الأثرية التي تنتظر الكشف، لتضيف فصلًا جديدًا في كتاب الحضارة المصرية.