مخاوف مصر والسودان.. إثيوبيا تدشن سد النهضة بعد 14 عاما من البناء

افتتحت إثيوبيا رسميًا سد النهضة، بعد مسيرة إنشائية استمرت 14 عامًا في خطوة أثارت الجدل بين دول المصب، مصر والسودان، اللتين تعبران عن مخاوفهما من تداعيات السد على أمنهما المائي، بينما تؤكد أديس أبابا أن المشروع يدخل في إطار سيادتها وحقها في التنمية.
مخاوف مصر والسودان
ترى القاهرة والخرطوم أن إثيوبيا تنتهج "سياسة فرض الأمر الواقع"، من خلال قرارات أحادية تتعلق بتشغيل السد وملء بحيرته، دون مراعاة مصالح دولتي المصب.
وتطالبان باتفاق قانوني ملزم يضمن استمرار تدفق المياه إليهما، ويحقق التوازن بين حقوق إثيوبيا في التنمية وحقوق مصر والسودان في حصص مائية آمنة.
تلاشي خلاف الملء الأول وبقاء قضايا جوهرية
يرى مراقبون أن تدشين السد أنهى واحدة من أكبر نقاط الخلاف، وهي فترة ملء البحيرة الأولى، إلا أن قضايا أخرى ما زالت عالقة، مثل: ضمان تدفق المياه بشكل منتظم، وتبادل البيانات والتنسيق لتفادي أزمات مفاجئة، وملف أمان السد ومخاطره المستقبلية.
رؤية الخبراء المصريين
أكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن افتتاح السد يعكس استمرار إثيوبيا في فرض قرارات أحادية دون مراعاة حقوق مصر والسودان، معتبرًا ذلك انتهاكًا لاتفاقيات تاريخية تبدأ من اتفاق 1891 وصولًا إلى إعلان مبادئ 2015، وكذلك مخالفة للأعراف الدولية وبيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر 2021.
ورغم الانتقادات، يرى شراقي أن "فرص العودة إلى التفاوض باتت أكبر بعد انتهاء ملف الملء الأول"، ما قد يفتح المجال لاتفاق أكثر شمولية.
حجم التخزين والخسائر المائية
أوضح شراقي أن سد النهضة سيخزن 64 مليار متر مكعب خلال 5 سنوات، إضافة إلى فقدان أكثر من 36 مليار متر مكعب بسبب البخر والتسرب، أي ما يزيد على 100 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يقارب ضعف حصة مصر السنوية.
وأشار إلى أن القاهرة واجهت هذه التحديات عبر مشروعات هندسية ضخمة بتكلفة تتجاوز 500 مليار جنيه، منها إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وإنشاء محطات معالجة متقدمة، وتقليل مساحات زراعة الأرز، وتبطين الترع لتحسين كفاءة الري.
ولفت إلى أن مصر رفعت الأمر إلى مجلس الأمن الدولي عدة مرات، لتوثيق انتهاك حقوقها وحفظ موقفها القانوني للمستقبل.
أمان السد والتأثيرات الجيولوجية
من جانبه، أوضح الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم الأرض والاستشعار عن بعد بجامعة تشابمان الأمريكية، أن هناك شكوكًا كبيرة تحيط بمدى أمان السد.
وأكد أن حمل المياه الضخم الواقع على قشرة أرضية هشة في المنطقة قد يؤدي إلى عواقب خطيرة على المدى الطويل، ما يستدعي إدارة تشاركية وتنسيقاً كاملاً مع دول المصب.
السد بين السيادة والحقوق الدولية
يقع سد النهضة في منطقة بني شنقول على بعد 15 كيلومترًا من الحدود السودانية، وتصر إثيوبيا على أن المشروع حق سيادي يجري على أراضيها، وفي المقابل، تصف مصر والسودان الخطوات الإثيوبية بأنها انتهاك للقانون الدولي، إذ أن النيل نهر عابر للحدود ويجب إدارته بشكل مشترك.
وتعتبر القاهرة أن السد يشكل تهديدًا وجوديًا، مؤكدة أنها لن تسمح بالمساس بحقها التاريخي في مياه النيل.