عاجل

مقام السبع بنات بالبهنسا.. أسطورة تاريخية تتحول إلى مزار للإنجاب والشفاء

ضريح السبع بنات بالمنيا
ضريح السبع بنات بالمنيا

تتناقل الألسنة جيلاً بعد جيل أسطورة فريدة،في قرية صغيرة شمال محافظة المنيا، بطلاتها سبع فتيات قيل إنهن ضحين بحياتهن في سبيل الله، ليُكتب لهن الخلود في وجدان الناس، لم تكن قصتهن مجرد فصل من تاريخ الفتوحات الإسلامية، بل تحولت مع مرور الزمن إلى مزار يقصده آلاف الزائرين كل أسبوع، بحثاً عن إنجابٍ طال انتظاره، أو شفاءٍ من داء استعصى على الطب، وبين الحقيقة التاريخية والمعتقدات الشعبية يقف مقام "السبع بنات" شاهداً على تداخل الأسطورة بالدين، والعاطفة بالخرافة.

ضريح السبع بنات بالمنيا 
ضريح السبع بنات بالمنيا 


البهنسا أرض البقيع الثاني

تقع قرية البهنسا على بُعد 16 كيلومتراً من مركز بني مزار بالمنيا، وتُعرف بين الأهالي بـ"البقيع الثاني"، حيث تضم أكثر من خمسة آلاف قبة وضريح يُنسب معظمها لصحابة رسول الله ﷺ، يروي المؤرخون أن كثيراً من المدفونين هنا شاركوا في معارك فتح مصر، وبعضهم من أهل بدر. وسط هذه القباب، برزت أسطورة "السبع بنات" لتصبح الأكثر جذباً للزائرين حتى يومنا هذا.


أسطورة السبع بنات من ميادين القتال إلى صفحات التاريخ

 

تبدأ الحكاية في العام 22 هجرية، حين انضمت سبع نساء من البهنسا إلى جيش القائد عمرو بن العاص، متنكرات في زي الرجال للمشاركة في معركة ضد الروم، قاتلن ببسالة جنباً إلى جنب مع الجنود المسلمين، حتى لحظة فرحهن بالنصر حيث أطلقن الزغاريد، هذا الصوت النسائي كشف هويتهن، فهاجمهن الروم ليلاً وغدروا بهن، فاستشهدن جميعاً، ودُفنّ في موضع صار يعرف لاحقاً بـ"مقام السبع بنات".

طقوس ومعتقدات موروثة عبر الأجيال

لا تزال الموروثات الشعبية حول المقام حاضرة في أذهان كثيرين، رغم مرور القرون، يعتقد الأهالي أن التدحرج على الرمال المحيطة بالمقام يجلب الإنجاب، وييسر الزواج، ويشفي من الأمراض المستعصية، ورغم التقدم العلمي والطبي، يتمسك البعض بهذه الطقوس، معتبرينها باباً للأمل وتحقيق الأمنيات.

ضريح السبع بنات بالمنيا 
ضريح السبع بنات بالمنيا 

رحلة الجمعة يوم التبرك والدعاء

تتحول البهنسا إلى قبلة للزائرين من مختلف المحافظات، فجر كل جمعة، يحملون معهم دعوات معلقة بالرجاء، ويبدأون رحلتهم بالشرب من بئر يُقال إن الصحابة ارتووا منه أثناء القتال، بعدها يتجهون إلى الرمال المحيطة بالمقام، حيث ينام الزائر على الأرض، ويضع يده على رأسه، ثم يتدحرج ذهاباً وإياباً مرتين أو ثلاثاً، ومع رفع آذان الجمعة، ترتفع الأيادي بالدعاء في مشهد روحاني يختلط فيه اليقين بالإرث الشعبي.

 

بين التاريخ والأسطورة

يبقى مقام السبع بنات في البهنسا رمزاً فريداً، يختلط فيه التاريخ بالأسطورة، والإيمان بالموروث الشعبي، فبينما يرى البعض أن ما يجري محض خرافة لا أصل لها، يتمسك آخرون باعتقادهم أن هذا المكان مبارك وأن الدعاء فيه مستجاب، وبين هذا وذاك، يظل المقام وجهة لا تنقطع عنها الزيارات، لتبقى قصته شاهداً على قوة الموروث الشعبي في تشكيل وجدان المجتمعات عبر الأجيال.

ضريح السبع بنات بالمنيا

تم نسخ الرابط