السفيرة نائلة جبر: مصر تستضيف 10.5 مليون أجنبي وفقًا لتقرير الأمم المتحدة

أكدت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، أن الهجرة غير الشرعية ليست ظاهرة واحدة، بل تنقسم إلى أسباب متعددة فهي غالباً اقتصادية، نتيجة لضغوط البطالة والفقر، أو اجتماعية، تتعلق بعلاقات الأقارب والأسرة. لكن اللافت، بحسب جبر، هو ظهور شق إجرامي في ظاهرة الهجرة، يتمثل في شبكات منظمة تستغل الراغبين في الهجرة غير الشرعية.
وأضافت خلال حوارها مع الإعلامي محمود السعيد في برنامج "ستوديو إكسترا" على قناة "إكسترا نيوز": "الجهات الأمنية تراقب هذه الشبكات عن كثب، وهناك عمليات توعية وتحذير مستمرة من جانب اللجنة ووزارة الداخلية، لتوضيح المخاطر القانونية والاجتماعية للوقوع في فخ هذه الشبكات".
وأكدت جبر أن نشر المعلومات والوعي هو جزء من استراتيجية الدولة، وأن الهدف ليس مجرد التصدي للهجرة غير الشرعية، بل حماية الشباب من الوقوع في أيدي المتاجرين بالبشر واستغلالهم كما شددت على أن الحملات التوعوية تصل إلى مختلف المحافظات، لضمان وصول الرسائل لكل الفئات المعرضة للخطر.
أعداد الأجانب في مصر ودور الدولة في التنظيم
وأشارت إلى أن مصر تستضيف نحو 10.5 مليون أجنبي وفق آخر تقرير للأمم المتحدة، وذلك بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي والتزاماتها الإنسانية. منهم نحو مليون مسجلين كلاجئين لدى مفوضية اللاجئين، والبقية لديهم أذون عمل أو يقيمون بشكل غير قانوني.
وقالت: "يجب على جميع الأجانب تسجيل أنفسهم والإقامة بطريقة شرعية واحترام سيادة الدولة المصرية"، مؤكدة أن تسجيل الأوضاع القانونية يعزز من الأمن والاستقرار، ويساعد الدولة في تقديم الدعم والخدمات اللازمة بشكل أفضل. وأضافت أن الحكومة تعمل على تسهيل إجراءات تسجيل الأجانب وتمديد فترات توفيق الأوضاع لضمان عدم تعرض أحد للترحيل التعسفي.
وأوضحت أن مصر تحاول من خلال هذه الإجراءات إظهار أقصى قدر من المرونة مقارنة بدول أخرى، مشيرة إلى أن بعض الدول تتحدث عن حقوق الإنسان ولكنها تنفذ الترحيل بشكل سريع دون مراعاة الظروف الإنسانية. وقالت: "الدولة المصرية تحرص على حماية كل من يقيم على أراضيها بطرق قانونية، ضمن رؤية شاملة تراعي حقوق الإنسان والمسؤولية الوطنية".
تمديد فترة توفيق أوضاع الأجانب: خطوة نحو المرونة القانونية
أعلنت السفيرة جبر عن تمديد فترة توفيق أوضاع الأجانب لمدة سنة كاملة، مؤكدة أن الهدف من ذلك هو منحهم فرصة للامتثال للقوانين دون ضغط أو خوف من العقوبات الفورية. وأضافت: "الدولة تحاول استيعاب أكبر عدد ممكن من الأجانب بطريقة قانونية، وهذا جزء من مسؤوليتها كمركز إقليمي رئيسي للهجرة".
وأشارت إلى أن الدعم الدولي المقدم لمصر لا يتناسب مع حجم المسؤوليات والضغوط التي تواجهها، مؤكدة أن الدولة تتحمل عبئاً كبيراً في إدارة ملفات اللاجئين والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى مواجهة الشبكات الإجرامية المنظمة.
وأكدت جبر أن مصر بحاجة إلى دعم دولي مستدام، ليس بالمال فقط، بل مشروعات تنموية واقتصادية تسهم في تحسين أوضاع المهاجرين واللاجئين، وتمكين الدولة من الاستمرار كحائط صد لمنع تدفق الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا أو الدول الأخرى.
مكافحة شبكات الإتجار بالبشر: استراتيجيات وتحديات
وأوضحت رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية أن هناك متابعة مستمرة للشبكات الإجرامية التي تستغل الضعف الاقتصادي والاجتماعي للأفراد وأضافت: "نحن لا نواجه مجرد ظاهرة اجتماعية، بل جرائم منظمة تتطلب تعاوناً أمنياً وإدارياً واسع النطاق".
كما أكدت جبر أن اللجنة تعمل على تنسيق الجهود بين مختلف الوزارات والجهات الأمنية لضمان استجابة فعالة لكل محاولة تهريب أو استغلال، بالإضافة إلى الحملات التوعوية المستمرة التي تصل إلى المناطق الأكثر تعرضاً للهجرة غير الشرعية.
وأضافت: "تمكين الدولة وتعزيز قدراتها في هذا الملف ليس ترفاً، بل ضرورة استراتيجية لضمان أمن مصر واستقرارها، خصوصاً في ظل الضغوط الاقتصادية والهجرات المتزايدة".
دعم مصر الدولي: مطالب مشروعة وواقعية
قالت السفيرة جبر إن المطالب المصرية بالدعم الدولي مشروعة وتهدف إلى توفير مشروعات تنموية بدلاً من المساعدات المالية المباشرة. وأضافت: "الدعم المطلوب هو لإنشاء مشاريع تعليمية وصحية وخدمات أساسية تساهم في دمج اللاجئين والمهاجرين ضمن المجتمع المصري بشكل قانوني وآمن".
وأوضحت أن مصر تتحمل مسؤولية كبيرة باعتبارها بوابة للهجرة إلى أوروبا وأفريقيا، وأن الاستثمارات في تنمية المجتمعات المحلية والمهاجرين تسهم في منع تفاقم الظاهرة، وتحد من استغلال الشبكات الإجرامية للأوضاع الصعبة.
وأكدت أن توفير الدعم التنموي يجعل مصر أكثر قدرة على إدارة الهجرة بشكل قانوني وإنساني، ما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة ككل.
توعية المجتمع: دور الإعلام والمبادرات الوطنية
أكدت السفيرة جبر أن التوعية هي جزء أساسي من خطة الدولة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيرة إلى أن الإعلام يلعب دوراً محورياً في نشر الرسائل التوعوية وتحذير الشباب من مخاطر الوقوع في أيدي الشبكات الإجرامية.
وقالت: "نحن نعمل على إشراك الجمعيات المدنية والمنظمات الدولية، لضمان وصول التوعية لكل المجتمعات، سواء في المدن الكبرى أو المناطق الحدودية الأكثر تعرضاً للهجرة غير الشرعية".
وأضافت أن تضافر الجهود بين الإعلام، والجهات الأمنية، والمجتمع المدني يخلق شبكة حماية متكاملة، تساعد في تقليل عدد المهاجرين غير الشرعيين وتوفير بدائل آمنة لهم، سواء عبر برامج التعليم أو التدريب المهني.
الهجرة الشرعية كخيار استراتيجي
ختاماً، أكدت السفيرة نائلة جبر أن الحل طويل الأمد للهجرة غير الشرعية هو تعزيز الهجرة الشرعية وتسهيل الإجراءات القانونية لكل من يرغب في العيش والعمل في مصر بطريقة قانونية.
وقالت: "نحن لا نريد فرض العقوبات فقط، بل نعمل على تمكين الأفراد من الالتزام بالقوانين، ونعمل مع شركائنا الدوليين لتوفير بيئة آمنة ومستقرة لكل من يقيم على الأراضي المصرية".
وأضافت أن مصر ستستمر في دورها كحائط صد للهجرة غير الشرعية، مع السعي لتوفير الدعم الدولي الكافي، بما يعكس حجم المسؤوليات الوطنية والإنسانية الملقاة على الدولة.