مقترح المفوضية الأوروبية لمعاقبة وزراء إسرائيليين.. خطوة عملية أم رمزية؟

أكد خبراء فرنسيون متخصصون في الشأن الأوروبي أن المقترحات التي قدمتها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بشأن فرض عقوبات على بعض الوزراء الإسرائيليين المتطرفين وتعليق جزئي لاتفاقية الشراكة مع إسرائيل، تعد خطوة ذات طابع سياسي رمزي أكثر منها تحركًا عمليًا، في ظل الانقسامات الحادة بين دول الاتحاد الأوروبي حول هذا الملف.
خلفية القرار الأوروبي
في خطابها حول "حالة الاتحاد" أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأربعاء الماضي، كشفت فون دير لاين عن نيتها اقتراح فرض عقوبات فردية على وزراء إسرائيليين متشددين، وتعليق جزئي لاتفاقية الشراكة مع إسرائيل، خصوصًا في الجانب التجاري، بالإضافة إلى تجميد الدعم الثنائي، مع استمرار التعاون مع المجتمع المدني الإسرائيلي ومؤسسة "ياد فاشيم".
ووصفت هذه الإجراءات بأنها تهدف لإرسال "إشارة سياسية قوية"، مشيرة إلى أن ما يجري في غزة "أثار ضمير العالم"، إلا أن رئيسة المفوضية لم تقدم تفاصيل دقيقة حول حجم التأثير المالي أو هوية الوزراء المستهدفين، ما يعتبره مراقبون علامة على محدودية هامش المناورة المتاح لها.
عقبات أمام التنفيذ
تاريخياً، يتطلب فرض عقوبات أوروبية على أفراد الحصول على إجماع جميع الدول الأعضاء، مما يجعل أي اقتراح معرضًا للتعطيل، فعلى سبيل المثال، منعت المجر سابقًا فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين، حسبما ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية.
كما أن تعليق اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل يحتاج إلى تصويت بأغلبية مؤهلة تضم 65% من سكان الاتحاد و15 دولة على الأقل، بينما أبدت دول مثل إيرلندا، إسبانيا، السويد، الدنمارك وهولندا دعمها للمقترحات، تعارض دول أخرى مثل ألمانيا والمجر والتشيك اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل.
خطوة رمزية أكثر من إجراء فعلي
يرى الباحث الفرنسي في مؤسسة روبرت شومان والمتخصص في العلاقات الأوروبية، جان دومينيك جولياني، أن المقترحات تعكس محاولة المفوضية الأوروبية لاستعادة بعض المصداقية أمام الرأي العام الأوروبي والعالمي، لكنها تواجه صعوبات كبيرة في التنفيذ بسبب الخلافات بين العواصم الأوروبية.
ووصف تعليق جزئي لاتفاقية الشراكة بأنه "رسالة سياسية في المقام الأول"، مشيرًا إلى أن أي إجراء عملي وفعّال يحتاج إلى توافق لم يتحقق حتى الآن.
بدورها، أشارت الباحثة الفرنسية في معهد جاك دولور، إلزا تريبو، إلى أن هذه المقترحات "ترتبط بضغط داخلي متزايد من الشارع الأوروبي، حيث تتصاعد التظاهرات المؤيدة لفلسطين وتنتقد صمت المؤسسات الأوروبية".
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يحاول التوازن بين كونه الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل والحاجة لإظهار موقف أخلاقي وإنساني، إلا أن غياب الإجماع يحصر هذه القرارات في إطار رمزي أكثر منها تغييرات جذرية في العلاقات مع تل أبيب.
الأبعاد الاقتصادية والسياسية
أكدت تريبو أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية بين الطرفين 42.6 مليار يورو في عام 2024، مشيرة إلى أن تعليقًا واسع النطاق لاتفاقية الشراكة قد يؤدي إلى تقليص الامتيازات التجارية للسلع الإسرائيلية، مما سيكون له أثر مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي.
لكن وفقًا لوثيقة أعدها الجهاز الدبلوماسي الأوروبي في يوليو الماضي، فإن تفعيل هذا الإجراء يتطلب توافقًا صعب المنال، مما يقلل من احتمالية تطبيقه على المدى القريب، وفقًا لما ذكرته الباحثة الفرنسية.