لا قصر طائر نفع ولا العديد تحركت.. إسرائيل تقصف الوساطة في قلب قطر

قطر، واحدة من أبرز الدولة العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، والتي قدمت الكثير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل كسب رضاه، تحت مسمى الصداقة، كغطاء مغلف في داخله رغبة في الدخول تحت عباءته، ومع ذلك، لم تحمي هذه الهدايا الفاخرة من الدوحة ابنت أمريكا المدللة في الشرق الأوسط إسرائيل.
ظنت القيادة القطرية أن الهدايا الفاخرة والصفقات المليارية التي قدمتها لترامب كافية لحمايتها من إسرائيل، فإذا كانت الدول الخليجية حليف قوي لأمريكا في الشرق الأوسط، ولكّن الكيان الإسرائيلي المحتل جزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة.
سعت قطر بجهود بارزة لإنهاء الحرب على قطاع غزة، كان آخرها اجتماع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني بكبير مفاوضي حركة حماس، خليل الحية، الإثنين، للدفع نحو وقف إطلاق النار الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة واتفاق الرهائن، وقبل ساعتين من الرد القطري المنتظر، يوم الثلاثاء، قصفت الطائرات الإسرائيلية مبنى سكنيًا في العاصمة القطرية، الدوحة، أسفر عن مقتل 5 عناصر من "حماس" وضابط قطري.
كانت رسالة نتنياهو واضحة "سنقصف كل من يتعاون مع حركة حماس"، لم يقصف نتنياهو حركة حماس فحسب، بل علاقة التحالف التي تجمع الدوحة بواشنطن، بينما ظل ترامب يشاهد من بعيد، منتقدًا أفعال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو فقطن واكتفى بالتعبير بأنه"غير سعيد".
ضربة بالنيابة عن أمريكا
تلقت قطر ضربة نايبة عن أمريكا، في يونيو الماضي، عندما قصفت إيران قاعدة العديد الأمريكية، أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط والتي تقع على الأراضي القطرية، وأعلنت طهران حينها أن ذلك جاء ردا على الضربات الأمريكية على منشآتها النووية، وأصدرت الدوحة إدانة شديدة، لكنها لم تتجاوز ذلك.

قاعدة العديد الأمريكية في قطر
تعتبر قاعدة العديد العمود الفقري للوجود العسكري الأمريكي في الخليج، فهي أكبر منشأة عسكرية أمريكية في المنطقة، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.
تأسست القاعدة عام 1996 على بُعد نحو 30 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة، وتُعد مركزًا استراتيجيًا للقوات الجوية الأمريكية، وتضم أطول ممر هبوط للطائرات في الخليج، إضافةً إلى مرافق قيادة، سكن، اتصالات، ومستودعات ضخمة للذخائر.
وتحتوي القاعدة على مقار أمامية لكل من القيادة الوسطى الأميركية (CENTCOM) والقيادة الوسطى لسلاح الجو الأمريكي، وتضم قرابة 11 آلاف جندي أمريكي وفقًا لبيانات نشرها موقع "أكسيوس".
تتميز قاعدة العديد بملاجئ تحت أرضية محصنة يصعب اكتشافها من الجو، مصممة خصيصًا لمقاومة الهجمات الصاروخية، يستوعد الملجأ الواحد ما بين 20 إلى 40 طائرة حربية، بمساحة تصل إلى 76 ألف قدم مربعة، بالإضافة إلى ملاجئ ثانوية تستوعب طائرات جاهزة للإقلاع الفوري.

قصر طائر من أجل رضا ترامب
من بين الهدايا القطرية إلى ترامب، طائرة فاخرة من طراز (بوينج 747-8)، وهي واحدة من أغلى الهدايا التي قد تتلقاها الولايات المتحدة من حكومة أجنبية، حيث تبلغ قيمة الطائرة نحو 400 مليون دولار، ليستخدمها ترامب كطائرة الرئاسة الجديدة حتى مغادرة ترامب منصبه، قبل أن تُنقل ملكيتها إلى مؤسسة مكتبته الرئاسية.
قطر أبلغت أمريكا أنها ستقّيم شراكتهما الأمنية بعد استهداف قادة حماس
وقبل قليل، كشفت مصادر مطلعة لموقع «أكسيوس» الأمريكي، أن الأوساط القطرية تشعر بالخيانة بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف أحد مقار حركة حماس في الدوحة.
وأكدت المصادر أن قطر قد تبدأ في إعادة تقييم شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد الهجوم الذي وصفته بأنه خيانة. كما أفاد مصدران مطلعان بأن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أبلغ مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، أن قطر ستعيد النظر في علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة بعد هذا الهجوم الإسرائيلي، كما أشار المصدران إلى أن قطر قد تبحث عن شركاء آخرين لدعم أمنها إذا اقتضت الحاجة.
تقييم عميق للشراكة مع واشنطن
وأوضح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده ستجري تقييمًا عميقًا لشراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة، خاصة بعد الهجومين اللذين تعرضت لهما في غضون ستة أشهر، الأول من إيران ثم من إسرائيل.
رد فعل قطر على الهجوم الإسرائيلي
أدانت قطر الهجوم الإسرائيلي بشدة وطالبت إسرائيل بتقديم نتنياهو إلى العدالة الدولية بسبب انتهاكه القانون الدولي، كما أكدت أن قرار إسرائيل بمهاجمة الدوحة كان ضربة لجهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولإطلاق الأسرى.
قمة عربية إسلامية طارئة لمناقشة الهجوم
وأعلنت قطر أنها ستستضيف قمة عربية إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين لمناقشة الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية.
كانت إسرائيل قد نفذت الهجوم المفاجئ على الدوحة يوم الثلاثاء، حيث أشارت التقارير الإسرائيلية إلى أن أحد أهداف الهجوم كان خليل الحية، القيادي في حركة حماس والمكلف بإدارة ملف التفاوض خارج قطاع غزة، ورغم الانتقادات الدولية الواسعة، أكدت تل أبيب أنها ستستمر في ملاحقة قادة الحركة أينما وجدوا.