عاجل

كلام نهائي .. وزارة الأوقاف توضح مصير مباني وأراضي الوقف بوسط البلد

مصير مباني وأراضي
مصير مباني وأراضي الوقف بوسط البلد

الوقف هو ركيزة أساسية في النهضة العلمية الإسلامية، حيث شكل مصدرًا دائمًا لتمويل العلم والعلماء ونشر المعرفة. أسهم الوقف عبر التاريخ في إنشاء المدارس والمكتبات، ودعم الباحثين، مما جعله رافعة حضارية مستمرة مزدهرة، ومع الجهود المبذولة من قبل وزارة الأوقاف وهيئتها لاسترداد وتعظيم الأصول يتساءل الكثيرون عن موقف الأوقاف من فكرة بيع مباني وسط البلد حال عرض عليها ذلك من قبل رجال الأعمال.

ما هو الوقف؟

في بيان معنى الوقف ذكرت وزارة الأوقاف، أنه حبس أصل المال وتسبيل منفعته في وجوه البر والخير، ولا يُباع ولا يُوهب، ويبقى الأصل قائمًا لينتفع الناس بعوائده، وقد شرّعه الإسلام لتكون صدقةً جارية، يستمر أجرها بعد وفاة صاحبها.

ويعد الوقف هو أداة تمويلية مستدامة لعبت دورًا محوريًا في النهضة العلمية الإسلامية من خلال دعم المدارس، العلماء، والطلاب، وبناء المكتبات ومراكز البحث. ساهم في إتاحة المعرفة ونشر التعليم دون الاعتماد على الدولة. ورغم تراجعه في العصر الحديث، فقد كان وقودًا رئيسًا لازدهار الحضارة الإسلامية.

أصول الوقف لن تعرف البيع

وفي تشديد قاطع ذكر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، أن مال الوقف مال خاص ولا يمكن بيعه، قائلًا: «مفيش مجال نطلق عليه بيع أصول الأوقاف، وطلبنا استثمار هذه الأصول لحسن إدارتها والدخول بشراكات مع القطاع الخاص لمساعدة وزارة الأوقاف على تأدية دورها.. ونحاول تعظيم موارد الأوقاف وليس بيعها».

وفي تصريحات صحفية، قال الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، إن أموال الوقف لا تُباع بأي حال من الأحوال، مشددًا على أن أقصى ما يمكن القيام به هو الاستبدال، موضحًا: "إذا كان هناك مشروع من مشروعات الدولة يتطلب أرضًا وقفية، يتم الاستبدال بأرض بديلة مع التعويض، لضمان استمرار الوقف وتعظيم الاستفادة منه".

وأضاف الأزهرى، أن الوقف هو انتقال من ملكية البشر إلى ملكية الله، حيث يأتي رجل تهفو نفسه للخير، فيجعل ماله وقفًا لله تعالى، ومن ثم فلا يحق لأي بشر أن يبيعه أو يتصرف فيه خارج إطار الشرع، مشيرًا إلى أن الاستبدال يُعد وسيلة لضمان ديمومة الوقف واستمراره إلى يوم القيامة.

وشدد وزير الأوقاف، على أن أراضي الوقف أمانة في أعناقنا إلى يوم الدين، وأن استثمارها بالشكل الصحيح هو تعظيم لمنفعتها، قائلًا: "إذا ضيّعت الأمانة، فرب العباد يُحاسبني، وكل سنتيمتر من أموال الوقف أمانة في رقبتي إلى يوم القيامة".

من جانبه، أكد خالد محمد الطيب رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، أن الهيئة تضع على رأس أولوياتها تعظيم العائد التنموي من أصولها وأراضيها بما يتوافق مع خطط الدولة في التنمية المستدامة.

استراد أعيان الوقف في 4 محافظات

في صعيد متصل، تبذل هيئة الأوقاف جهودًا جبارة على مدى الأشهر الماضية، حيث نفذت الإدارة المركزية للشئون القانونية بالتنسيق مع الإدارات واللجان المختصة عدد من الأحكام القضائية واستلام أعيان الوقف محل هذه الأحكام، وذلك في إطار التنسيقات الجارية بين هيئة الأوقاف المصرية وكافة أجهزة الدولة المعنية، وتحت إشراف خالد محمد الطيب رئيس مجلس إدارة الهيئة، ومحمود النجدي وكيل الوزارة مدير عام الهيئة.

أعيان الوقف بمحافظة الجيزة

تمكنت فرق العمل من تنفيذ حكم قضائي بمحافظة الجيزة على مساحة 9 قراريط تابعة لوقف "أم خزيم سيد محمد حماد" بناحية البدرشين، إضافة إلى قطعتي أرض بمساحة 312 مترًا و260 مترًا بوقف "حفيظة المهدية" بالعياط.

أعيان الوقف بمحافظة القليوبية

واستملت الهيئة مزرعة دواجن بالقليوبية تضم 10 عنابر بكامل معداتها تابعة لوقف "بمبا قادن" على طريق مصر – الإسكندرية الزراعي. ويُذكر أن هذه المزرعة أُنشئت عام 1974 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات تحت مسمى "محطة قها 3 لإنتاج الدواجن"، وقد أُعيد تسليمها للإدارات المعنية لاستثمارها بالشكل الأمثل.

أعيان الوقف بمحافظة الإسكندرية

أما في الإسكندرية، فقد تم تنفيذ حكمين قضائيين باستلام جراجين، الأول بمساحة 1000 متر مربع بعمارة رقم 11 الزهور بحي المنتزه، والثاني بعمارة رقم 2 الزهور – شارع النبوي المهندس بحي المنتزه ثاني.

أعيان الوقف بمحافظة الدقهلية

وفي الدقهلية، جرى تنفيذ حكم قضائي باستلام مساحة فدان و2 سهم بناحية نبروه.
استثمار الأعيان المستردة

وجرى تسليم جميع الأعيان إلى الإدارات المختصة بهيئة الأوقاف المصرية تمهيدًا لاستثمارها الاستثمار الأمثل بما يحقق أعلى عائد استثماري، تنفيذًا لتوجيهات الدولة في تعظيم استثمارات الوقف.

أبرز صور التكافل الاجتماعي والاستثمار في الخير

ويُعد الوقف من أبرز صور التكافل الاجتماعي والاستثمار في الخير في الحضارة الإسلامية، وقد تجاوز أثره حدود العمل الخيري إلى أن أصبح أحد أعمدة النهضة العلمية في العالم الإسلامي، فالوقف لم يكن محصورًا في بناء المساجد والمستشفيات فحسب، بل كان له دورٌ محوريّ في تمويل المؤسسات التعليمية، ودعم العلماء والطلاب، ونشر الكتب والمعرفة، مما أسهم في ازدهار الحضارة الإسلامية قرونًا طويلة.

مجالات أثر الوقف في النهضة العلمية

١. تمويل المدارس والمعاهد العلمية

- الوقف كان المصدر الرئيس لتمويل المدارس النظامية، والمدارس المستقلة في الحجاز، وبلاد الشام، والمغرب، وبلاد ما وراء النهر.

- من أشهر المدارس الوقفية: المدرسة النظامية في بغداد، التي أنشأها الوزير نظام الملك في القرن الخامس الهجري، وكانت من أكبر مراكز التعليم في زمانها.

- كثير من الجامعات الإسلامية مثل الزيتونة، والقرويين، والأزهر اعتمدت بشكل رئيس على الأوقاف في إدارة شؤونها.

٢. رواتب العلماء والمعلمين.

- خُصصت أوقاف لدفع أجور الأساتذة، والفقهاء، والمقرئين.

- هذا النظام مكّن العلماء من التفرغ للبحث والتعليم دون الانشغال بطلب الرزق.

٣. إعانة الطلبة والباحثين.

- وُقفت أموال لإسكان الطلاب، وتقديم الطعام، وشراء الكتب، ومستلزمات الدراسة.

- في دمشق، مثلًا، أوقف كثير من التجار والعلماء بيوتًا كاملة لسكن طلاب العلم، وكانوا يُعفون من الأجرة.

٤. بناء المكتبات ووقف الكتب.

- من أبرز الأشكال العلمية للوقف، وقف الكتب على طلاب العلم، وكان يُكتب على ظهر الكتاب "وقفٌ لله تعالى لا يُباع ولا يُوهب".

- أُسست مكتبات وقفية عظيمة مثل دار الحكمة في بغداد، ومكتبة سيف الدولة في حلب، والمكتبة الظاهرية في دمشق، وغيرها.

- بعض المكتبات كانت تحتوي على آلاف المخطوطات، وتتيح استعارتها أو قراءتها مجانًا.

٥. الوقف على البحث والتأليف.

- خُصصت أوقاف لأعمال التصنيف والنسخ والترجمة، مما ساعد على حفظ التراث العلمي العالمي.

- ترجمت أمهات الكتب من اليونانية والفارسية إلى العربية بتمويل من الأوقاف، كما في عهد المأمون.

٦. دعم المستشفيات التعليمية (البيمارستانات).

- كانت البيمارستانات مؤسسات طبية تعليمية تُموَّل بالوقف، وتقدّم العلاج والتعليم مجانًا.

- أشهرها: البيمارستان النوري في دمشق، والبيمارستان المنصوري في القاهرة.

مميزات نظام الوقف في دعم النهضة العلمية

-الاستقلال المالي: وفّر التمويل دون الحاجة للدولة أو الضرائب.

-الاستدامة: الأوقاف كانت طويلة الأمد، مستمرة العطاء.

-التنوع: شملت كل العلوم والفنون، من الطب والهندسة إلى الفقه واللغة.

-الشمول: خدم جميع فئات المجتمع، بما فيهم الفقراء والأيتام والنساء.

نُبذة عن بعض الأوقاف العلمية الشهيرة

-وقف السلطان قلاوون: شمل البيمارستانات، والمدارس، ومرافق رعاية الفقراء والطلاب.

-وقف ابن طولون في مصر: دعّم التعليم الديني والعلمي، وساهم في رعاية العلماء.

-وقف فاطمة الفهرية: أسست جامعة القرويين من مالها الموقوف، وتُعدّ من أقدم الجامعات في العالم.

تم نسخ الرابط