عاجل

دروز السويداء يقيلون كافة القادة المتصلين بنظام الشرع بدمشق

دروز السويداء
دروز السويداء

كشفت مصادر سياسية وعسكرية مطلعة في محافظة السويداء أن ما يُوصف إعلاميًا بـ"الانقسامات" داخل الفصائل العسكرية المنضوية تحت راية "الحرس الوطني"، ما هو إلا تعبير عن مسار جماعي واضح يهدف إلى إزالة جميع الشخصيات المرتبطة بالنظام السوري من المشهد القيادي، تجاوبًا مع ضغط شعبي واسع يرفض عودة النفوذ الرسمي إلى مؤسسات السويداء.

وبحسب ما أفاد به مصدر في الفصائل العسكرية ، فإن قرار تنحية شكيب طرودي عزام من قيادة "لواء الجبل" جاء بعد مشاركته في إدخال قوات الأمن والجيش السوري إلى المحافظة، رغم أن القرار في الأصل كان جماعيًا ولا يمكن تحميله وحده مسؤولية تلك الخطوة.

وفي السياق ذاته، علّق مصدر سياسي على هذه التطورات بالقول إن الإجراءات الأخيرة جاءت استجابة مباشرة لمطالب الناس الذين ما زالوا يعيشون آثار المجازر والانتهاكات الأخيرة في السويداء، مؤكدًا أن المجتمع المحلي يرفض تمامًا بقاء أي شخصية ساهمت في تسهيل دخول القوات الحكومية، ويرى في ذلك خيانة لمبادئ الطائفة ومصالحها.

وأضاف المصدر أن "الوعي المجتمعي في السويداء بلغ مرحلة متقدمة من الإدراك السياسي"، مشيرًا إلى أن هناك اتجاهًا متناميًا لمحاسبة كل من وقف في صف السلطة ضد أبناء المحافظة.

إقالة قائد "لواء الجبل" وتعيين بديل

في خطوة مفصلية، أعلن "لواء الجبل"  أحد أبرز التشكيلات العسكرية في السويداء،  إقالة قائده شكيب طرودي عزام، وتعيين أبو طارق معين علبة بديلًا عنه، في إجراء فسّره البعض على أنه بداية لتفكك الفصائل، لكنه يعبر في الواقع عن إعادة تنظيم داخل "الحرس الوطني".

وأوضح بيان اللواء أن القرار جاء بعد "دراسة مستفيضة للأحداث الجارية، واستنادًا إلى ملاحظات وشكاوى الأهالي"، وتم اتخاذه "بسبب تصرفات ومخالفات لا تنسجم مع قيم ومبادئ اللواء".

وأكد البيان التزام "لواء الجبل" التام بحماية أمن وكرامة الأهالي في السويداء، والعمل تحت راية الشيخ القائد حكمت الهجري، وضمن إطار الحرس الوطني، بما ينسجم مع الثوابت الوطنية للمجتمع الدرزي في المحافظة.

سلسلة إقالات وقطيعة شاملة مع قادة موالين للنظام السوري الحالي

وتُعد هذه الإقالة جزءًا من موجة تغييرات أوسع داخل السويداء، بدأت سابقًا بإقصاء يحيى الحجار (أبو حسن) عن قيادة "حركة رجال الكرامة"، وتعيين مزيد خداج (أبو ذياب) قائدًا عامًا خلفًا له، وذلك بعد اتهامات بدوره في تسهيل دخول القوات الحكومية.

وتلا ذلك انضمام "حركة رجال الكرامة" إلى الحرس الوطني، الكيان العسكري الذي أعلن الشيخ حكمت الهجري عن تأسيسه، ويضم معظم الفصائل المسلحة في السويداء، في خطوة تؤشر نحو وحدة الموقف العسكري والسياسي للطائفة.

وقبل هذه التطورات، قطعت السويداء علاقتها بشكل نهائي مع قادة آخرين، بينهم ليث وحيد البلعوس (قائد "مضافة الكرامة")، وسلمان عبد الباقي (قائد "تجمع أحرار جبل العرب")، بسبب تأييدهما العلني للسلطة السورية ودورهما في التنسيق مع الجيش السوري.

وقد تبرأت عائلتا آل البلعوس وآل عبد الباقي من أبنائهما، وأصدرتا بيانات تنفي تمثيلهم للعائلة أو الطائفة، وتصف مواقفهم بالخيانة والانحراف عن خط الشرفاء من الأجداد، حيث وُصف عبد الباقي بـ"المجرم المتمشيخ"، مع تهديد بتسليمه أو التعامل معه داخليًا.

اتهامات متبادلة ومواقف ضاغطة

في سياق متصل، اتهمت مصادر مقربة من النظام السوري الشيخ حكمت الهجري بفرض الإقامة الجبرية على الشيخين يوسف جربوع وحمود الحناوي، لإجبارهما على اتخاذ مواقف سياسية مناهضة لدمشق. جاء ذلك بعد ظهور الشيخين في خطابات متزامنة ينتقدان فيها الحكومة السورية، بعد أسبوع على انتهاء اشتباكات دموية شهدتها السويداء.

وتفسر الأوساط السياسية هذه التحركات بأنها تأتي في إطار الضغط الشعبي المكثف على القيادات الدينية والسياسية للانحياز الكامل إلى مطالب الشارع، ورفض أي صيغة تعاون مع دمشق، التي يُحمّلها السكان مسؤولية تدهور الأوضاع.

نحو مسار جديد في السويداء

ويرى مراقبون أن ما يجري في السويداء لا يُعد مجرد صراع داخلي، بل هو بداية مسار سياسي وعسكري جديد، يهدف إلى فك ارتباط المحافظة بالنظام المركزي في دمشق، تمهيدًا لترتيبات محلية أكثر استقلالية، خاصة بعد إعلان نوايا تشكيل برلمان محلي، ما يشي بتوجه جدي نحو نموذج من الحكم الذاتي داخل المحافظة.

وفي ظل حالة الحصار والتجاذبات السياسية الإقليمية، تبدو السويداء في طريقها لتكون ساحة اختبار لتوازنات جديدة، ترسمها الإرادة الشعبية، بعيدًا عن سلطة النظام، وبقيادة المرجعيات الدينية والاجتماعية التي تحظى بشرعية محلية واسعة.

تم نسخ الرابط