بعد دعوى شقيقة وائل الأبراشي.. ما الحكم الشرعي لكتابة أملاك الأب لبناته؟

هل يجوز كتابة الأملاك للبنت أو الزوجة أثناء الحياة حماية لهن بعد الرحيل من الأسئلة الأكثر جدلا، حيث أسدلت محكمة استئناف القاهرة الستار على قضية هدى شقيقة الراحل وائل الأبراشي والتي أقامتها بعد كتابته لابنته بالرفض، فما الحكم الشرعي لكتابة أملاك الأب لبناته أو زوجته حال الحياة؟
الحكم الشرعي لكتابة أملاك الأب لبناته أو زوجته حال الحياة
في البداية، قال الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن هذا الأمر جائز بل هو عين الصواب، خاصة وأننا في وقت نجد كثير من الأعمام يذقن بنات أخيهم الأمرين حتى ينالوا حقهم في ميراث أبيهم، فلو أمن الأب بناته لما وقعن في هذا المأزق نتيجة قلة الورع وغيره من مسببات الظلم.
واستشهد "عثمان" بما ورد عن النعمان بن بشير فقد جاء والده إلى النبي ينقل إليه رغبة زوجته في كتابة شيء من أملاكه للنعمان تأميناً له من إخوته لأب، فنصحه النبي بالعدل، موضحاً أن العدل بين الأبناء مستحب وليس من قبيل الوجوب.
بينما قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يوجد ما يُسمى بتقسيم الميراث قبل الممات، حيث إن مصطلح ميراث يعني ما تركه الشخص بعد مماته، وبهذا فإن كلمة ميراث غير صحيحة لو أن الشخص على قيد الحياة.
وأضاف «فخر» في مقطع فيديو نشرته دار الإفتاء، عبر قناتها الرسمية على موقع «يوتيوب»، أنه إذا كان الشخص يقسِّم أمواله وهو على قيد الحياة، فهذه تصرفات ليست ميراثا وإنما هبات شرعية، وهنا الأحكام مختلفة.
وتابع، أنه يجوز للشخص يهب ويقسم أمواله وأملاكه بطريق الهبة الشرعية على الورثة وغير الورثة وهو على قيد الحياة، ولكن في هذه الحالة إذا أراد ذلك يجب أن يتحلى بالعدالة بين الورثة، ولا يعطي أحدهم أكثر من الآخر، وأن يسترشد بقواعد وتقسيم الميراث حتى لا يظلم الورثة، ويمكن أن يقسم بالتساوي بين الذكور والإناث، خاصة وأن الأصل في الهبة الشرعية هو التساوي.
واستكمل، أنه إذا أعطى لأحد الأبناء زيادة عن الآخر، إذا كان هناك ما يبررها شرعًا فلا مانع، إذا كان مريضًا أو فقيرًا أو محتاجا.
لا يجوز توزيع التركة حال الحياة إلا في حالة واحدة
ومن خلال حملة "نَصِيبًا مَّفْرُوضًا"، التي استهدفت تسليط الضوء على فلسفة الميراث في الإسلام، والأحكام والقواعد الشرعية المرتبطة بها، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن توزيع التركة حال الحياة غير جائز شرعًا ولا يملكه الإنسان؛ لأن الثروة لا تُسمّى تركة إلّا بعد موت صاحبها، ولأن ملكية المورث تنتهي بمجرد الوفاة.
وأوضح أن الأصل هو ألا يقوم الإنسان بتقسيم ثروته حال حياته قسمة التركات لما يترتب على ذلك من مفاسدَ كثيرةٍ، ويزداد الأمر حرمة إذا قصد الشخص بالتوزيع حرمان بعض الورثة أو الإضرار بهم، لما في ذلك من تحايل على نظام الميراث الإلهي، لكن إن غلب على ظن الإنسان نشوبُ الخلاف والعداوة بين أولاده بعد وفاته وتحقق من ذلك بالقرائن الظاهرة وخشي على تقطيع الأرحام رُخِّص له في توزيع ثروته، على أن يقوم بإيداع عقود التقسيم لدى شخص ثقة، ولا تُقسم التركة إلا بعد وفاة المورث والتأكد من بقاء الورثة وأنصبتهم كما هي، مشدّدةً أن الالتزام بأوامر الإسلام يجفف منابع النزاع ويحافظ على سلامة الصدور وصلة الأرحام.
حكم حرمان المرأة من ميراثها
ما حكم حرمان المرأة من ميراثها؟، قالت دار الإفتاء: حرمان الوارث من الميراث بعد ثبوت حقه فيه حرامٌ شرعًا ومن كبائر الذنوب؛ لقول الله تعالى بعد ذكر تقسيم الميراث: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۞ وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [النساء: 13-14]، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ».
وتابعت: هو في حق المرأة أشد، بل هو من مواريث الجاهلية؛ حذر منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «اللهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: حَقَّ الْيَتِيمِ، وَحَقَّ الْمَرْأَةِ»، ومعنى «أُحَرِّجُ»: أُلْحِقُ الحَرَجَ وَهُوَ الإثْمُ بِمَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُمَا، وَأُحَذِّرُ مِنْ ذلِكَ تَحْذِيرًا بَليغًا، وَأزْجُرُ عَنْهُ زجرًا أكيدًا.