عاجل

"عملية تاريخية تراكمية".. صدور كتاب "لوزان 1923: السياقات والتداعيات"

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب لوزان 1923: السياقات والتداعيات، لمجموعة مؤلفين وباحثين عرب وغربيين، وهو من تحرير محمد جمال باروت. ويقع هذا الكتاب في 744 صفحة، ويشتمل على مقدمة للمحرّر، وتعريف بالمساهمين، وواحد وعشرين فصلًا موزّعة على خمسة أقسام، وفهرس عامّ.

يقدّم الكتاب مجموعة من الأبحاث عن مؤتمر لوزان (1923)، بوصفه ذروة عملية تاريخية تراكمية بين عامَي 1918 و1923، أعقبت انهيار أربع إمبراطوريات كبرى في الحرب العالمية الأولى، كان آخرها الدولة العثمانية التي أُلغيت قانونيًّا وسياسيًّا بمعاهدة لوزان. ويتناول مختلف أبعاد هذه المرحلة المفصلية في التاريخ العالمي، ذلك أن هدفه كان سدّ النقص في الدراسات التاريخية العربية حول المعاهدة، وإعادة فحص سياقاتها وآثارها في البلدان العربية؛ بالنظر إلى ندرة البحوث الحديثة عنها منذ خمسينيات القرن العشرين، باستثناء دراسات محدودة ركّزت على تبعاتها الإقليمية.

يبيّن الكتاب ما حدث بين هدنة مودروس وسقوط الخلافة. فبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وتوقيع الهدنة في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1918، فرض الحلفاء شروطًا قاسية شملت استسلام الحاميات العسكرية وتجريد الجيش من السلاح، في حين بادر البريطانيون إلى احتلال الموصل. وقد مثّلت الأعوام الخمسة التالية، 1918-1923، مرحلة مفصلية في تاريخ العالم، بعد انهيار الإمبراطوريات الألمانية، والنمساوية - المجرية، والروسية، والعثمانية، خلال الحرب العالمية الأولى أو نتيجةً لها، وبرز نظام الدول الوطنية على أنقاضها، في إطار معاهدات صلح جائرة، أبرزها معاهدة سيفر عام 1920 التي استهدفت تصفية الدولة العثمانية نهائيًّا. وفي مواجهة ذلك، قاد مصطفى كمال حركة المقاومة الأناضولية، وحقق انتصارًا حاسمًا على اليونان في معركة صقاريا عام 1922؛ ما أجبر الحلفاء على القبول بهدنة مودانيا والاعتراف بحكومة أنقرة، وهو حدثٌ اعتُبر مدويًّا في العالم الإسلامي، ومهّد لإعادة رسم موازين القوى.

مؤتمر لوزان وتبدّل الموازين الإقليمية وتبعاته

استجابةً للواقع الجديد، دعت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا إلى عقد مؤتمر لوزان في تشرين الثاني/ نوفمبر 1922 لتسوية النزاع التركي - اليوناني وتعديل معاهدة سيفر، غير أن العرب استُبعدوا من المشاركة المباشرة، واقتصر الأمر على حضور مملكة الحجاز والعراق بصفة مراقب. وخلال انعقاد المؤتمر، أقرّ مجلس الأمة الكبير الفصل بين الخلافة والسلطنة، منهيًا حكم إسطنبول. وقد مرّ المؤتمر بمرحلتين: الأولى بين عامَي 1922 و1923، وقد فشلت بسبب الخلافات المرتبطة بالامتيازات ومشكلة الموصل، والثانية بين نيسان/ أبريل وتموز/ يوليو 1923، وقد انتهت بتوقيع معاهدة لوزان التي رسمت حدود تركيا الحديثة، وأقرّت بتبادل السكان مع اليونان، وكرّست سيادة الجمهورية الوليدة.

أعقب المعاهدةَ إلغاءُ الخلافة نهائيًّا، في عام 1924، بالتوازي مع تعاون تركي - فرنسي لتفكيك حركة "الاتحاد الإسلامي" في سورية. وفي العالم العربي، أدت التطورات إلى تغييرات عميقة؛ إذ زالت مملكة الحجاز بعد رفض الملك حسين بن علي معاهدة لوزان وعرقلته الاتفاق مع بريطانيا، فحوّل البريطانيون دعمهم إلى السعوديين، وهو ما أدّى إلى بروز قوة جديدة في الجزيرة العربية.

بنية الكتاب ومحاوره البحثية والهدف منه

يتألف كتاب لوزان 1923: السياقات والتداعيات من خمسة أقسام رئيسة: يتناول القسم الأول، "في الطريق إلى لوزان"، ثلاثة فصول عن المسألة الشرقية، والمرحلة من هدنة مودروس إلى مؤتمر لوزان، ودور روسيا السوفياتية في حرب التحرير التركية (1918-1923). ويبحث القسم الثاني، "العرب ولوزان"، في تسعة فصول، العلاقة العربية بمعاهدة لوزان 1923، وإقصاء العرب، وقضية الإسكندرون، ومسألة الموصل، والقضية الكردية، وتطورات شمال أفريقيا حتى عام 1923. أما القسم الثالث، "معاهدة لوزان في الصحافة العربية"، فيضم فصلين عن صدى معاهدة لوزان في صحافة بلاد الشام والمغرب. ويتناول القسم الرابع، "تأثير مؤتمر لوزان في علاقات تركيا باليونان وألبانيا"، في ثلاثة فصول، التبادل السكاني، وصورة الحرب في الأدب، وارتداداتها خلال الفترة 1923-2023. ويختتم القسم الخامس، "من نهاية الخلافة إلى الجمهورية التركية"، بأربعة فصول عن فصل السلطنة عن الخلافة، وأثر ذلك في الفكر الإسلامي، وإعادة فهم الخلافة، وتأسيس الجمهورية.

ويهدف المشروع/ الكتاب إلى سدّ النقص في الدراسات العربية حول معاهدة لوزان، التي ظلت محدودة ومجزَّأة منذ خمسينيات القرن العشرين، خصوصًا فيما يتعلق بمسألتَي الموصل ولواء الإسكندرون، وإعادة دراسة العملية التاريخية المؤدية إلى المعاهدة وآثارها في العالم العربي، ضمن سياق التحول من الإمبراطورية إلى الدول الإقليمية. ويسعى لتوظيف انفتاح الأرشيفات العثمانية والأجنبية من أجل إثراء البحث، وتجاوز التركيز الانتقائي إلى رؤية شاملة تغطي الأعوام الخمسة العاصفة بين عامَي 1918 و1923. ويعتمد المشروع على إشراك باحثين عرب وغربيين في إطار تعاوني يشرف عليه المركز العربي للأبحاث ودورية أسطور، بدعم الدكتور عزمي بشارة، مع مراجعة علمية متبادلة لضمان إنتاج معرفة نقدية واسعة الأفق.

تم نسخ الرابط