عاجل

سليم سحاب: الفن الرديء يهدد الذوق العام ويفسد أجيال المستقبل

سليم سحاب
سليم سحاب

أكد المايسترو سليم سحاب، أحد أبرز الأسماء في عالم الموسيقى العربية والكلاسيكية، أنه يقف بحزم أمام ما يُسمى بـ "الموسيقى الرديئة"، موضحاً أن الفن الحقيقي لا يمكن أن يكون أداة هدم للذوق العام أو وسيلة لإفساد وجدان  الأجيال الجديدة، وأضاف أن موقفه لا يتعلق فقط بالموسيقى وحدها، بل بكل أشكال الفن السيئ، سواء كان مسرحاً أو سينما أو غناءً، حيث يرى أن هذه الفنون عندما تُقدم بشكل هابط فإنها تشوه الثقافة المجتمعية وتفقد الفن رسالته الأصيلة.

وأوضح سحاب أن الفن لم يُخلق لمجرد الترفيه والتسلية العابرة، وإنما هو وسيلة للارتقاء بالإنسان فكرياً وروحياً وأخلاقياً ، ولهذا فهو يقف في مواجهة كل إنتاج يفتقد إلى المعايير الجمالية، سواء في اللحن أو الأداء أو الكلمة، مشيراً إلى أن مسؤولية الفنان الحقيقية تكمن في حماية الذوق العام من الانحدار.

الفن الرديء خطر على المجتمع

يرى المايسترو سليم سحاب أن أخطر ما يواجه المجتمع العربي اليوم هو انتشار موجة من الأغاني السطحية التي تعتمد على الإيقاع الصاخب والكلمات الفارغة من أي مضمون. ويعتبر أن هذه الموجة ليست بريئة، بل قد تكون جزءاً من عملية إفساد ممنهجة لوعي الشباب، عبر استبدال المعاني السامية بمصطلحات لا تمت للثقافة أو القيم الإنسانية بصلة.

وأشار إلى أن مقارنة بسيطة بين ما يقدمه الفن الرديء الآن وبين ما قدمه الرواد مثل سيد درويش أو محمد عبد الوهاب تكفي لإدراك الفجوة الكبيرة بين الجانبين. ففي الماضي، كان الفنان يقدم إبداعاً يعكس هموم الناس ويعبر عن آمالهم وطموحاتهم، بينما اليوم أصبحنا أمام إنتاج موسيقي لا يحمل سوى الضوضاء.

الموسيقى الكلاسيكية كدرع حماية للذوق

أكد سحاب أن الموسيقى الكلاسيكية، سواء كانت عربية أو عالمية، تمثل أحد أهم أدوات الارتقاء بالوجدان ،فهي تُعلم الإنسان الانضباط والتأمل والتذوق الراقي، وتمنحه فرصة للهروب من صخب الحياة اليومية إلى عالم من الجمال الخالص. وأضاف أن الجمهور العربي لديه القدرة على تذوق هذا الفن إذا أُتيح له بشكل صحيح، مشيراً إلى أن مشكلتنا ليست في غياب الذائقة، بل في غياب التقديم الجيد لهذا النوع من الفنون.

وشدد على أن إعادة إحياء الموسيقى الكلاسيكية في العالم العربي ليست ترفاً، بل ضرورة لحماية أجيال جديدة من الانجراف وراء موجات الإسفاف الفني. ولفت إلى أن تجربته في تأسيس أوركسترا الشباب دليل على أن الشباب متعطش للفن الراقي متى أُتيح له.

رسالة الفنان مسؤولية وليست مجرد شهرة

أوضح المايسترو أن الفنان ليس مجرد شخص يسعى وراء الشهرة أو الكسب المادي، بل هو صاحب رسالة إنسانية وثقافية ، فالموسيقى في جوهرها، حسب وصفه، لغة كونية تخاطب الروح مباشرة، وتحمل قيماً قادرة على بناء إنسان أفضل ومجتمع أكثر وعياً.

وأضاف أن الفنان الذي يرضى بأن يقدم فناً رديئاً يشارك بشكل مباشر في هدم القيم وتكريس الانحطاط، مؤكداً أنه لا يمكن اعتبار أي أغنية ناجحة لمجرد أنها حصدت ملايين المشاهدات على الإنترنت، لأن النجاح الحقيقي يقاس بمدى تأثير العمل في وجدان الناس واستمراره عبر الزمن.

مواجهة الإسفاف تحتاج إلى وعي جماعي

يرى سحاب أن مواجهة الفن الرديء ليست مسؤولية الفنانين فقط، بل مسؤولية جماعية تشمل الإعلام، والمؤسسات الثقافية، ووزارات التربية والتعليم، وحتى الأسرة ، فإذا لم يتم تعليم الأجيال معنى الفن الراقي منذ الصغر، فسوف يستسلمون بسهولة لكل ما هو سهل وسطحي.

وأشار إلى أن الإعلام العربي، بدلاً من أن يكون داعماً للفن الراقي، أصبح في كثير من الأحيان يروج للأغاني الهابطة لأنها تحقق نسب مشاهدة عالية، وهو ما يساهم في تعميق الأزمة.

التاريخ لا يخلد سوى الفن الحقيقي

اختتم المايسترو سليم سحاب حديثه بالتأكيد على أن التاريخ لا يرحم، ولا يخلد سوى الفن الحقيقي. فما بين عشرات الآلاف من الأغاني التي تُطرح كل عام، لا يبقى في ذاكرة الناس إلا ما يحمل قيمة جمالية ورسالة إنسانية صادقة. وضرب مثلاً بسيد درويش وأم كلثوم وعبد الوهاب، الذين ما زال فنهم حياً رغم مرور عقود طويلة.

وأكد أن الأمل ما زال موجوداً، خاصة مع وجود شباب موهوبين يمتلكون طاقات إبداعية كبيرة، بشرط أن يتم توجيههم نحو الطريق الصحيح، بعيداً عن سحر الشهرة الزائفة التي يروجها الفن التجاري السطحي.

تم نسخ الرابط