عقب إعلان جريمة التجويع.. ما خيارات الأمم المتحدة لإنقاذ ما تبقى من غزة؟

في أعقاب إعلان الأمم المتحدة رسميًا حدوث مجاعة في قطاع غزة، أكد خبير القانون الدولي رائد أبو بدوية، أن هذا الإعلان يشكل نقطة تحول قانونية وأخلاقية وسياسية يمكن أن تُمكّن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من اتخاذ خطوات حاسمة للضغط على إسرائيل من أجل إنهاء الكارثة الإنسانية.
مجاعة في قطاع غزة
أوضح أبو بدوية، في تصريحات صحفية، أن التصنيف الصادر عن مؤسسات دولية مختصة لا يكتفي بوصف الوضع كأزمة إنسانية، بل يرفعه إلى مستوى الجريمة الدولية، ما يفتح المجال أمام تحركات أممية تستند إلى اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، وميثاق روما الأساسي، لاعتبار سياسة التجويع الممنهج جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

من الطوارئ إلى الجريمة الدولية
وبحسب الخبير، فإن تصنيف المجاعة في غزة ينقل الوضع الغذائي في القطاع من حالة طوارئ إنسانية إلى جريمة ممنهجة تنتهك القوانين الدولية والإنسانية، وتستدعي تحركات فورية لإجبار الاحتلال الإسرائيلي على إدخال المساعدات الغذائية والدوائية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.
وأكد أن سياسة الحصار ومنع الغذاء والدواء تدخل في إطار جرائم الحرب، ما يستدعي تدخلًا دوليًا وفقًا للقانون الدولي، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة أصبحت الآن تمتلك الأساس القانوني لاستخدام أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي وحتى العقوبات.
تدخل عبر الجمعية العامة
ولفت أبو بدوية إلى أن خيار الجمعية العامة للأمم المتحدة بات مطروحًا بقوة، خاصة في حال فشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرار بشأن المجاعة بسبب الفيتو الأميركي المحتمل، موضحًا أن الأمم المتحدة سبق أن استخدمت آلية "الاتحاد من أجل السلام" في حالات مشابهة، ما يسمح للجمعية العامة بتجاوز شلل مجلس الأمن والتدخل لفرض إجراءات عاجلة.
ووفق هذا الإطار، يُمكن للجمعية العامة أن تضغط على إسرائيل، بما في ذلك التهديد بعقوبات دولية أو اتخاذ خطوات لفرض إدخال المساعدات دون الحاجة إلى تفويض من مجلس الأمن.
فتح تحقيق دولي جديد
وأشار الخبير إلى أن المحكمة الجنائية الدولية باتت مطالبة بفتح تحقيق جديد يركّز على جريمة التجويع في غزة، والتي تُعد مستقلة عن الجرائم التي كانت محور التحقيقات السابقة، مثل الإبادة الجماعية.
وأكد أن إعلان المجاعة رسمياً، وبشكل غير مسبوق في الشرق الأوسط، يُحمل المسؤولية القانونية المباشرة لإسرائيل، خصوصًا في ظل تحذيرات أممية من أن نصف مليون إنسان في غزة باتوا في حالة "كارثية".
وفي ضوء هذه التطورات، فإن الأمم المتحدة تمتلك الآن أدوات قانونية ومؤسساتية قوية للتحرك، تشمل على النحو التالي:
- الضغط السياسي والدبلوماسي على إسرائيل.
- استخدام آلية "الاتحاد من أجل السلام" في الجمعية العامة.
- التلويح بعقوبات أو تدابير إلزامية.
- دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق رسمي بجرائم التجويع.
ويأتي ذلك بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض حصاره المشدد على قطاع غزة منذ نحو عامين، وسط انهيار شامل في النظام الصحي والغذائي، وارتفاع حاد في عدد وفيات الأطفال جراء سوء التغذية، في ظل تقارير أممية تؤكد أن إسرائيل تعرقل دخول المساعدات رغم تكدسها على المعابر.