مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة: مجاعة غزة لحظة عار جماعي

انتقد مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة صمت المجتمع الدولي والقوى العظمى في العالم، وغض الطرف عن المجاعة التي تفرضها إسرائيل على قطاع غزة، واستخدمها كسلاح حرب، وتفاخر قادة الكيان بهذه الجرائم.
وقال مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر، إن المجاعة التي ضربت أجزاء من غزة كان يمكن منعها لو سمح لنا، ومع ذلك تتكدس المواد الغذائية على الحدود بسبب العرقلة الممنهجة من جانب إسرائيل.
مجاعة غزة لحظة عار جماعي
وتابع “فليتشر” إنها مجاعة على بعد مئات الأمتار من الطعام، في أرض خصبة، تضرب الأشد ضعفا أولا، الضحايا لكل منهم اسم ولكل منهم قصة تجردهم من كرامتهم، قبل أن تسلب حياتهم.
وأردف: إنها مجاعة في عام 2025، من القرن الحادي والعشرين، تُراقب بالطائرات المسيرة، وبأكثر التقنيات العسكرية تطورا في التاريخ.
وأكمل: هي مجاعة يروج لها بعض القادة الإسرائيليين علنا كسلاح حرب، إنها مجاعة تقع تحت أعيننا جميعا، إنها مسؤولية الجميع، مجاعة غزة هي مجاعة العالم، إنها مجاعة تسأل: وماذا فعلتك؟.
واختتم مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر حديثة بأن هذه المجاعة التي يتعرض لها قطاع غزة، ستطاردنا جميعا، ويجب أن تطاردنا: هذه لحظة عار جماعي وأعتقد أننا جميها نشعر بذلك بطرق مختلفة، علينا جميعا أن ننظر إلى الوراء كمجتمع دولي، ونتساءل أين كان يمكن أن نصل بهذا الوضع، إلى مسار مختلف لقد شاهدنا ذلك يحدث في الوقت الفعلي.
وفي سياق منفصل أوضح الدكتور بسام زقوت، مدير جمعية الإغاثة الطبية في قطاع غزة، أن إعلان الأمم المتحدة للقطاع كمناطق تشهد مجاعة رسمية جاء بعد استيفاء المعايير المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بارتفاع نسبة سوء التغذية الحاد بين الأطفال إلى أكثر من 30%، مشيرًا إلى أن هذا الرقم بلغ 32% مؤخرًا، وهو ما دفع الهيئة المعنية إلى إصدار تقريرها.
التقرير أعدته 19 مؤسسة دولية
وقال زقوت، في مداخلة هاتفية عبر قناة القاهرة الإخبارية، إن التقرير أعدته 19 مؤسسة دولية بالتعاون مع نحو 50 خبيرًا دوليًا، دون أي تدخل فلسطيني، وهو ما ينفي أي مزاعم بعدم الحيادية، مشيرا إلى أن إسرائيل سارعت، كعادتها، إلى رفض التقرير، واعتبرته "مفبركًا" و"جزءًا من الدعاية لحركة حماس"، رغم أن نفس المنهجية المعتمدة في هذا التقرير استُخدمت سابقًا في دول عديدة حول العالم، وقبلها المجتمع الدولي دون اعتراض.
ونوه زقوت إلى أن الأهم من صدور التقرير هو ترجمته إلى خطوات عملية على الأرض، تبدأ بتفعيل دور مجلس الأمن، واتخاذ قرارات ملزمة وفقًا لتوصيات التقرير، والتي تضمنت وقف العدوان، ومنع التهجير القسري، وإدخال الغذاء دون قيود، واستعادة النظام الغذائي الأممي في غزة.

تهجير مليون فلسطيني محتمل: "كارثة إنسانية غير مسبوقة"
وفي معرض حديثه عن إمكانية تهجير نحو مليون فلسطيني من شمال القطاع نحو الجنوب، أكد الدكتور زقوت أن هذا السيناريو يُعد بمثابة "حكم بالإعدام الجماعي"، لافتًا إلى أن عمليات التهجير المتكررة أصبحت منهجًا إسرائيليًا، وأن العديد من هؤلاء الأشخاص سبق أن هُجروا عدة مرات منذ بداية الحرب.
وأشار زقوت إلى أن الجنوب، الذي يُفترض أن يكون "الملاذ الآمن"، غير قادر على استيعاب هذا العدد الكبير، حيث يقيم فيه حاليًا أكثر من 660 ألف نازح، وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية، وشح في الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة، والمأوى، ووسائل النظافة الشخصية، والطعام.
مخيمات النزوح
وأوضح أن ما يُطلق عليه "مخيمات النزوح" لا تتوافر فيها أي من شروط المخيمات المعترف بها دوليًا، بل هي في حقيقتها مجرد تجمعات عشوائية على الأرض، يحاول فيها الناس النجاة دون أي دعم فعلي أو خدمات إنسانية حقيقية.
وقال زقوت إن إسرائيل تمنع دخول المواد الأساسية التي تُستخدم في بناء الملاجئ، أو تأمين بيئة معيشية آمنة، حتى المواد البسيطة مثل الأخشاب، والمسامير، والخيام، مما يُصعب على السكان حتى محاولة تأمين مكان مؤقت للعيش.
أوضاع كارثية وواقع يزداد تدهورًا
أكد الدكتور بسام زقوت أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مستوى غير مسبوق من التدهور، مشيرًا إلى أن إعلان المجاعة، رغم أهميته، جاء متأخرًا مقارنة بالواقع الميداني الذي تعيشه آلاف العائلات الفلسطينية، والتي أصبحت بلا مأوى، بلا غذاء، وبلا أدنى مقومات الحياة.
وختم حديثه بالتأكيد على أن استمرار العدوان والتهجير تحت الحصار الكامل يهدد حياة الملايين، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري، وتحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين في قطاع غزة.