إسرائيل تقطع أوصال الضفة بالمستوطنات.. خطة جديدة تهدد إمكانية قيام دولة فلسطين

ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، الضوء الأخضر النهائي لمشروع استيطاني واسع النطاق في الضفة الغربية المحتلة، مثيرًا موجة جديدة من الغضب الفلسطيني والدولي، وسط تحذيرات من أنه قد يقضي فعليًا على أي فرصة مستقبلية لإقامة دولة فلسطين مستقلة.
الخطة تتعلق بالمنطقة المعروفة باسم E1، وهي منطقة مفتوحة تقع شرق مدينة القدس، لطالما كانت موضع جدل منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث جرى تجميد المشروع مرارًا بفعل ضغوط أمريكية في ظل إدارات سابقة، لكن القرار الأخير يمثل تحولًا حادًا في السياسات، خصوصًا في ظل حكومة بنيامين نتنياهو ذات التوجهات اليمينية المتطرفة.
تهديد صريح لحل الدولتين
يرى الفلسطينيون، إلى جانب منظمات حقوقية ودولية، أن هذا المشروع يقوض بشكل مباشر التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، ويدمر أحد الركائز الأساسية لفكرة إقامة دولة فلسطينية، حيث تربط منطقة E1 بين رام الله في الشمال وبيت لحم في الجنوب، وهما مدينتان رئيسيتان في الضفة الغربية.
رغم أن المسافة بين المدينتين لا تتجاوز 22 كيلومترًا، إلا أن الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ونقاط التفتيش، والمسارات البديلة التي يضطر الفلسطينيون لاستخدامها، تجعل التنقل بينهما مهمة شاقة تستغرق ساعات طويلة، وكان من المتوقع أن تشكل المنطقة نقطة ربط مركزية في حال قيام دولة فلسطينية مستقبلًا.
تصريحات استفزازية من حكومة الاحتلال
ووصف زير المالية الإسرائيلي واليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، أحد أبرز رموز حركة الاستيطان، الموافقة على المشروع بأنها "رد عملي" على إعلان عدة دول غربية، مؤخرًا، نيتها الاعتراف بدولة فلسطين.
وزعم في تصريحات مثيرة للجدل:"الدولة الفلسطينية تُمحى من على الطاولة، ليس بالشعارات، بل بالأفعال. كل مستوطنة، وكل حي، وكل وحدة سكنية هي مسمار آخر في نعش هذه الفكرة الخطيرة."
وتأتي هذه الخطوة بينما يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه القاطع لحل الدولتين، مؤكدًا تمسك حكومته بالسيطرة على كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بما في ذلك الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة.
تسارع استيطاني في ظل انشغال العالم بغزة
في ظل تركيز المجتمع الدولي على الحرب الدائرة في قطاع غزة، تتسارع عمليات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وتشير التقارير إلى زيادة كبيرة في اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، وعمليات إخلاء قسرية للبلدات، إلى جانب استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ونقاط التفتيش التي تقيّد الحركة اليومية للفلسطينيين.
وتقول إحصاءات إن أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون حاليًا في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي الذي يعتبر هذه المستوطنات غير شرعية.
خطة للبناء السريع
تشمل الخطة بناء ما يقرب من 3500 وحدة سكنية مرتبطة بمستوطنة معاليه أدوميم، أحد أكبر التجمعات الاستيطانية شرق القدس. وإذا ما سارت العملية بوتيرة سريعة، قد تبدأ أعمال البنية التحتية خلال أشهر قليلة، على أن يبدأ بناء المنازل بحلول العام القادم.
كما وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، خلال الجلسة نفسها، على بناء 350 وحدة سكنية إضافية في مستوطنة أشائيل، الواقعة قرب مدينة الخليل جنوب الضفة.
رفض دولي وتحذيرات من تقويض السلام
منظمة "السلام الآن"، المعنية بمراقبة النشاط الاستيطاني، أكدت أن المشروع في E1 "لا يهدف إلا إلى تدمير أي أفق سياسي لحل الدولتين"، مضيفة: "في الوقت الذي يطالب فيه العالم بالسلام، تعمل هذه الحكومة التي فقدت ثقة شعبها على نسف المصلحة الوطنية، ونحن جميعًا سندفع الثمن."
ويرى محللون أن إعطاء وزير المالية سموتريتش صلاحيات موسعة في مجال الاستيطان منح المشروع زخمًا غير مسبوق، لا سيما في ظل تعهداته المتكررة بـ"مضاعفة عدد المستوطنين في الضفة الغربية".