عاجل

ما مصارف إنفاق أموال الصدقات … وهل هي قاصرة على المسلمين فقط؟

الصدقات
الصدقات

أوضحت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية قائمةً على الرحمة بالناس جميعًا، ومن شواهد ذلك ما رُوي عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في معاملته لغير المسلمين؛ فقد أمر أن يُعطَوا من الصدقات ويُجعل لهم نصيب من القوت. فقد ذكر البلاذري في فتوح البلدان (ص: 131) أن عمر رضي الله عنه عند قدومه “الجابية” من أرض دمشق، مرّ على قوم من النصارى أصابهم الجذام، فأمر أن يُعطَوا من الصدقات وأن يُجرى عليهم القوت.

ماذا يقول العلماء 

كما جاء عن جابر بن زيد أنه حين سُئل عن مصارف الصدقة قال: “في أهل المسكنة من المسلمين وأهل ذمتهم”، وأضاف: “قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم في أهل الذمة من الصدقة والخمس”، رواه ابن أبي شيبة في المصنف.

وقال الإمام القرطبي في تفسيره (3/ 338): إن المهدوي ذكر أنه رُخّص للمسلمين أن يُعطوا المشركين من أقاربهم.

ومن هنا يتضح أن اختلاف الدين لا ينبغي أن يكون عائقًا أمام مد جسور الرحمة والبر بين الناس؛ إذ إن هذا الاختلاف سنة كونية أرادها الله، قال تعالى:
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99].

كما أن إعطاء الصدقات لغير المسلمين يدخل في باب التعاون والمسابقة إلى الخيرات، قال سبحانه:
﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48].

وقد أكد الفقهاء ذلك، فقال ابن نُجيم الحنفي في البحر الرائق (2/ 261): يجوز دفع الصدقات غير الزكاة –سواء كانت واجبة كالصدقة والفدية والكفارات أو كانت تطوعًا– لأهل الذمة، مستشهدًا بقول الله تعالى:
﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج (4/ 195): إن صدقة التطوع تجوز لغير المسلم.

وبذلك يتضح أن الشريعة أباحت إعطاء الصدقات لغير المسلمين، تأكيدًا لمبدأ الرحمة والتعاون الإنساني، دون نظر إلى اختلاف الدين.

تم نسخ الرابط