ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟.. الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء على اختلاف الفقهاء في مسألة اشتراط الموالاة بين الصلاتين عند الجمع تقديمًا؛ فذهب فريق من الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد اختارها ابن تيمية، إلى أن إلزام الموالاة لا ينسجم مع مقصد الرخصة التي شُرع الجمع لأجلها، وهو التيسير ورفع المشقة، ورأوا أنه لا حرج في وجود فاصل بين الصلاتين كأداء بعض النوافل.
مشروعية قصر الصلاة وجمعها في السفر
الإسلام دين يقوم على اليسر ورفع الحرج عن المكلَّفين، كما قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
ومن القواعد الكبرى التي يدور عليها الفقه الإسلامي أن: المشقة تجلب التيسير. ومن صور هذا التيسير ما اتفق عليه جمهور الفقهاء من مشروعية قصر الصلوات المفروضة وجمعها في حال السفر، إذ إن السفر مظنة التعب والمشقة. وقد ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي ﷺ جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وقال: «أراد ألا يُحرج أمته» رواه مسلم.
مذاهب الفقهاء في النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم
اختلف الفقهاء في حكم أداء النافلة بين الصلاتين المجموعتين جمع تقديم:
• المالكية: يرون أن الموالاة بين الصلاتين سُنّة، وأن الفصل بينهما بكلام أو نافلة لا يبطله، لكنه مكروه. فقد نص الإمام مالك على كراهة التنفل بين المغرب والعشاء في حال الجمع، وبيّن فقهاؤهم أن الكراهة هي المرادة لا التحريم.
• الشافعية والحنابلة (في الصحيح): اشترطوا الموالاة بين الصلاتين، وأنه إذا فُصل بينهما بصلاة النافلة أو غيرها بطل الجمع، ووجب إعادتهما بالترتيب؛ لأن الجمع عندهم أشبه بالصلاة الواحدة التي لا يصح تفريق ركعاتها.
• رواية أخرى للحنابلة ووجه عند الشافعية (اختاره ابن تيمية): أجازوا الفصل بين الصلاتين في جمع التقديم، ورأوا أن الموالاة غير مشروطة، ما دام وقت الصلاة الأولى لم يخرج. واستدلوا بما ورد عن الشافعي وأحمد من جواز جمع المضطر حتى لو صلى إحداهما في بيته والأخرى في المسجد. واعتبروا أن اشتراط الموالاة يخالف مقصد الرخصة التي شرعت للتيسير.
مراعاة تصرفات العوام
أكّد الفقهاء أن أفعال الناس تُحمَل على ما يصح من مذاهب الأئمة المجتهدين، لأن مقصد الشريعة تصحيح عباداتهم ما أمكن. فإذا عمل المسلم بقول معتبر من أقوال الفقهاء كفاه ذلك، ولا إثم عليه. كما قرر العلماء أن الخروج من الخلاف مستحب، وأن الاحتياط في العبادات أولى، بحيث تكون العبادة صحيحة عند جمهور العلماء لا عند بعضهم فقط.