الضويني يؤكد تكامل الأزهر مع مؤسسات الدولة ويكشف أولوياته الوطنية “حوار”

كشف الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، عن ملامح الرؤية المؤسسية للأزهر في مختلف القضايا الوطنية والفكرية والدينية.
وأكد خلال حديثه أن العلاقة بين الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء قائمة على التكامل والتنسيق تحت مظلة الدولة المصرية، نافياً ما يُثار من شائعات حول وجود خلافات بين هذه المؤسسات.
وتطرق في حوار خاص لموقع «نيوز رووم»، إلى دور الأزهر في دعم القضية الفلسطينية وتعزيز وعي الشباب بها، إلى جانب خطط المؤسسة لإطلاق منصة عالمية موثوقة للفتوى تواجه الفوضى الرقمية.
كما استعرض الضويني جهود الأزهر في رعاية الطلاب الوافدين، وتجديد الخطاب الديني، وتطوير آليات التصحيح والطعون في الثانوية الأزهرية. ولم يغفل الحوار تناول دور الأزهر في ترسيخ قيم المواطنة ومواجهة التحديات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى مستقبل العلاقات مع الفاتيكان ورؤية المؤسسة للأعمال الدرامية الراهنة.
- تُثار من حين لآخر مزاعم حول وجود خلافات بين المؤسسات الدينية.. ما ردكم على هذه المزاعم، وكيف ترون طبيعة العلاقة بين الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء؟
دعني أوضح أولًا أن العلاقة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ليست كما يروّج لها البعض، أو كما تحاول بعض المنصات الإعلامية تصويرها. فنحن نتعامل مع مؤسسات وطنية تعمل جميعها تحت مظلة الدولة المصرية، وتخدم هدفًا واحدًا يتمثل في حماية الثوابت الدينية، وتعزيز الوعي المجتمعي، ونشر صحيح الدين. ومن الطبيعي أن تختلف الرؤى أحيانًا في بعض القضايا الاجتهادية أو الإدارية، وهذا أمر صحي ومشروع داخل مؤسسات فكرية تحترم الاجتهاد العلمي، وتتنوع فيها التخصصات والمسؤوليات. لكن ما ينبغي التنبه له هو أن هذا التنوع لا يرتقي بأي حال إلى مستوى «الخلاف» أو «التنازع»، بل إن هناك تنسيقًا دائمًا، ولقاءات مستمرة، وتكاملًا واضحًا في الأدوار.
وأؤكد أن من يروّجون لمزاعم الخلاف، إما يجهلون طبيعة العمل المؤسسي داخل المؤسسات الدينية، أو يسعون عمدًا إلى إثارة البلبلة وزعزعة الثقة. أما الواقع، فيؤكد أن الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء يعملون جميعًا بروح الفريق الواحد، في إطار من التعاون والتكامل، وتحت قيادة رشيدة تدرك أهمية الخطاب الديني، وتدعمه في مواجهة التحديات الفكرية والمجتمعية التي يشهدها الواقع المعاصر.
- البعض يرى في استبعاد أساتذة الجامعات الشرعية من حق الفتوى هو تقييد وإقصاء.. كيف ترون ذلك؟
إن قصر الفتوى الرسمية على هيئات ولجان معتمدة داخل الأزهر الشريف، مثل مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ولجنة الفتوى بالجامع الأزهر، لا يُعد إقصاءً أو تقييدًا للكفاءات العلمية بالجامعة، بل هو تنظيم مؤسسيّ ضروري لضبط الفتوى، وصون الشريعة من الفتاوى الفردية غير المؤصلة، أو تلك التي قد تفتقر إلى فقه الواقع ومتغيراته. فالفتوى ليست اجتهادًا فرديًّا عابرًا، بل منظومة علمية دقيقة تتطلب تكاملًا بين الإلمام العميق بعلوم الشريعة ومقاصدها، وبين الوعي التام بالواقع والمستجدات ومراعاة المصلحة العامة.
أما أساتذة الجامعات الشرعية، فهم جزء أصيل من المنظومة العلمية للأزهر، ويساهمون بدور محوري في تطوير الفكر الفقهي وتأصيله، وتُبنى على دراساتهم وبحوثهم كثير من الفتاوى الصادرة عن الجهات المختصة. كما يسهمون في تأهيل الكوادر العلمية وتخريج أجيال من الباحثين والمفتين. وبالتالي، فإن العلاقة بين الهيئة المُصدِرة للفتوى وأهل التخصص في الجامعة ليست علاقة إقصاء، بل علاقة تكامل علمي، يضمن اتساق الفتوى مع منهج الأزهر الوسطي، دون أن تُقيد حرية البحث العلمي أو تنوّع الاجتهاد.
- موقف الأزهر الشريف من القضية الفلسطينية واضح وثابت، لا غبار عليه، لكنكم أكدتم خلال مشاركتكم في منتدى «اسمع واتكلم» على أهمية تعزيز وعي الشباب بهذه القضية. من وجهة نظركم، ما السبل الكفيلة بتحقيق هذا الوعي في ظل التحديات الراهنة؟
القضية الفلسطينية لم تغب يومًا عن وجدان الأزهر الشريف، بل كانت وستظل في مقدمة أولوياته، باعتبارها قضية عادلة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بهوية الأمة وكرامتها ومقدساتها. وقد كانت مواقف الأزهر، تاريخيًا وفي الحاضر، واضحة وثابتة، لا سيما في ظل قيادة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حيث عبّر الأزهر مرارًا عن دعمه الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفضه القاطع لكل أشكال العدوان والتهجير والاحتلال، مع التأكيد المستمر على أن القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما مسألة وعي الشباب بالقضية الفلسطينية، فهي من القضايا المحورية في هذا التوقيت، حيث نواجه تحديات غير مسبوقة في معركة الوعي، وسط حملات تزييف وتشويه ممنهجة تُبث عبر الآلة الإعلامية الصهيونية ومنصاتها الرقمية بهدف طمس الحقائق وتغييب الرواية الفلسطينية الأصيلة. وفي ظل هذا الواقع، تقع على عاتق المؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية مسؤولية كبرى في بناء وعي حقيقي لدى الأجيال الجديدة، من خلال تقديم خطاب معرفي رصين، يربطهم بتاريخ القضية وجذورها، ويدحض الروايات الزائفة، ويُرسّخ في وجدانهم قيم الحق والعدل والانتماء.
والأزهر الشريف، باعتباره مؤسسة علمية ودعوية رائدة، يضطلع بدور فاعل في هذا المجال، من خلال تضمين القضية الفلسطينية في مناهج التعليم الأزهري، وتنظيم الأنشطة والفعاليات الطلابية، وعقد الندوات الفكرية والتوعوية، فضلًا عن الحضور المؤثر في الفضاء الرقمي. كل ذلك بهدف تعزيز الوعي بقضية فلسطين، وترسيخها في وجدان الشباب، وعيًا لا يستند إلى العاطفة وحدها، بل إلى الفهم العميق، والمعرفة الدقيقة، والإدراك الواعي لجذور القضية، وأبعادها التاريخية، والسياسية، والإنسانية.
- يرى بعض المتابعين أن غياب الأزهر ودار الإفتاء عن تدشين منصة عالمية موثوقة للفتوى يُعد أمرًا بالغ الخطورة، خاصة في ظل تصدّر مواقع غير موثوقة – بعضها يديره غير المسلمين – لمحركات البحث، بهدف التشكيك وزرع البلبلة. هل سنشهد في المستقبل القريب إطلاق منصة عالمية رسمية تمثل مرجعية موثوقة للفتوى؟
عدم وجود منصة عالمية موحدة تمثل الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية المعنية بالفتوى لا يغيب عن أنظار المؤسسة، وندرك تمامًا ما يمثله هذا الغياب من تحدٍّ حقيقي، في ظل تصدُّر بعض المنصات غير المنضبطة – وأحيانًا من جهات غير مسلمة – لمحركات البحث، وما ينتج عن ذلك من نشر للفتاوى المغلوطة، وتشويش على وعي المسلمين، لا سيما الشباب في الداخل والجاليات المسلمة في الخارج. وهذا الواقع يفرض علينا ضرورة تقديم خطاب ديني موثوق يعكس المرجعية الوسطية التي يتبناها الأزهر.
من هذا المنطلق، يُولي الأزهر الشريف هذا الملف أهمية كبيرة، ويعمل على إطلاق منصة عالمية رقمية تصدر عنه، تُقدِّم برامج دعوية وفتاوى منضبطة وفق المنهج الأزهري الوسطي، وتراعي تعدد اللغات والثقافات، وتواكب متغيرات العصر الرقمي ومتطلباته. فهذه المنصة ليست استجابة لحالة فراغ فقط، بل امتداد طبيعي للدور التاريخي الذي يقوم به الأزهر في ترسيخ الفهم الصحيح للإسلام، وقيادة العمل الإفتائي الرصين، ونتطلع إلى أن تتوفر الظروف الفنية والمؤسسية الملائمة لإطلاقها في المستقبل القريب.
وفي الوقت ذاته، يواصل الأزهر جهوده في تعزيز الحضور الرقمي من خلال بوابته الإلكترونية الرسمية، وصفحاته المتعددة على منصات التواصل الاجتماعي، التي تقدم محتوى علميًا موثوقًا بعدة لغات، بأسلوب وسطي ومنضبط يخاطب مختلف فئات الجمهور، ويُسهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة ومواجهة الفكر المتطرف. كما أطلق الأزهر عددًا من المبادرات والبرامج النوعية، مثل: «سؤال وجواب»، و«فتاوى الأزهر»، ومبادرة «اسأل واتكلم» التي ينظمها مرصد الأزهر، وبرامج البودكاست الدعوية التي أطلقها المركز الإعلامي للأزهر مؤخرًا، وغيرها من الجهود التي تُقدَّم من خلالها الفتوى المعتمدة، ويُشرف عليها نخبة من العلماء والمتخصصين. ومع أهمية هذه الجهود، إلا أن الحاجة إلى منصة رقمية موحّدة تجمع هذه الطاقات وتقدّمها في إطار مؤسسي عالمي باتت ضرورة ملحّة، تمثل صوت الأزهر وتعزّز حضوره الدولي كمرجعية دينية وفكرية راسخة.
- تحظى فئة الطلاب الوافدين باهتمام واضح داخل الأزهر الشريف، فما ملامح رسالة الأزهر في تأهيلهم ودعمهم؟
الأزهر الشريف يُولي اهتمامًا بالغًا بالطلاب الوافدين، انطلاقًا من رسالته العالمية، ووعيه بدور هؤلاء الطلاب كسفراء للأزهر في بلدانهم، يحملون فكره الوسطي المعتدل إلى شعوبهم ومجتمعاتهم. وفي هذا الإطار، جاءت توجيهات فضيلة الإمام الأكبر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، واضحة وصريحة بضرورة تقديم الدعم الكامل للطلاب الوافدين، وتوفير كل سبل الراحة والرعاية، بما يليق بمكانة الأزهر وثقة أبناء العالم فيه.
وقد وضع الأزهر استراتيجية شاملة لرعاية الطلاب الوافدين، تبدأ بتقديم منح دراسية كاملة تشمل الإعفاء من المصروفات الدراسية، وتوفير السكن الجامعي والرعاية الصحية، إضافة إلى دعم مادي شهري، مع برامج مخصصة لطلاب دول إفريقيا وآسيا وأوروبا، لتسهيل التحاقهم بالأزهر ومساعدتهم على الاستقرار العلمي والاجتماعي. كما يوفر الأزهر برامج تأهيل علمي ولغوي متكاملة من خلال “معاهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها”، إلى جانب برامج تمهيدية في الفقه، والعقيدة، والقرآن الكريم، والحديث الشريف، لتيسير اندماجهم في الدراسة بالكليات الشرعية واللغوية.
ولا تقتصر جهود الأزهر على الجوانب العلمية فقط، بل تمتد إلى الرعاية الاجتماعية والدعوية والثقافية، من خلال متابعة شؤون الطلاب داخل السكن، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتنظيم الندوات والأنشطة والمسابقات والرحلات التي تعزز من روح الانتماء للأزهر الشريف. كل هذه الجهود تُترجم رؤية الأزهر العريقة في إعداد طلاب وافدين مؤهلين علميًا وأخلاقيًا، ليكونوا سفراء لقيم الاعتدال والتعايش والتسامح في أوطانهم.
- «تجديد الخطاب الديني» كان ولا يزال من القضايا المحورية التي حظيت باهتمام الدولة المصرية منذ سنوات.. كيف تقيّمون جهود الأزهر في هذا الملف؟ وإلى أي مدى نقترب من تحقيق الأهداف المرجوّة؟
قضية «تجديد الخطاب الديني» تمثل أولوية وطنية ودينية، وقد وجّه الرئيس، عبد الفتاح السيسي، الأنظار إليها منذ سنوات، إدراكًا لما لها من أثر مباشر على وعي الإنسان، وتماسك المجتمع، واستقرار الدولة. والأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، كان في مقدمة المؤسسات التي تفاعلت بوعي ومسؤولية مع هذه الدعوة، انطلاقًا من رسالته التاريخية، وحرصه الدائم على أن يكون الخطاب الديني معبّرًا عن روح الإسلام السمحة، ومواكبًا لمتغيرات الواقع، دون تفريط في الثوابت. وهو ما ترجمته جهود الأزهر العملية في مختلف المسارات التعليمية والدعوية والتوعوية.
وقد خطا الأزهر خطوات جادة في هذا الملف، من خلال تطوير المناهج التعليمية، وإعادة تأهيل الأئمة والوعّاظ والدعاة، وتكثيف البرامج التدريبية لمواكبة تطورات العصر، إضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات الفكرية والتوعوية التي تستهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة، وترسيخ ثقافة الحوار والعيش المشترك. ومع ذلك، فنحن نؤمن أن تجديد الخطاب الديني ليس محطة نهائية، بل عملية مستمرة تحتاج إلى تكامل الجهود بين المؤسسات، ووعي متجدد، وانفتاح رشيد على مستجدات الواقع، وسيظل الأزهر الشريف حريصًا على الاضطلاع بدوره الأصيل في هذا المسار، بما يحقق مصلحة الوطن ويُعزّز من وعي المجتمع واستقراره.
- بين الحين والآخر تُثار حالة من الجدل حول صدور آراء دينية أو فتاوى غير منضبطة من بعض المنتسبين للمؤسسات العلمية.. كيف ترون هذه الظاهرة؟ وما الآليات التي تعتمدها المؤسسة في التعامل مع مثل هذه المواقف؟
من المهم أن نُفرّق بين الرأي الشخصي والاجتهاد المؤسسي، فالأزهر الشريف لديه هيئات علمية وقطاعات معنية بالإفتاء، وهي جهات مخوّلة وحدها بإصدار الفتوى الرسمية باسم المؤسسة. أما ما يصدر أحيانًا من بعض الأساتذة أو المنتسبين للمؤسسات الدينية من آراء فردية، فقد يفتقر أحيانًا إلى الضبط العلمي السليم أو لا يُعبّر بدقة عن منهج الأزهر، مما قد يُحدث جدلًا في الرأي العام أو يُستغل من قبل بعض الجهات لإثارة البلبلة والتشويش على وعي الناس.
وفي مثل هذه الحالات، يقوم الأزهر بمتابعة ما يُثار، ويتم تقييم التصريحات من قِبل لجان علمية مختصة، للتأكد من مدى التزامها بالمنهج العلمي السليم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تصويبية عند الحاجة، سواء بالتوضيح أو التنبيه أو غير ذلك من الوسائل الإدارية المتاحة. ونحن نؤكد أن الأزهر الشريف لا يعارض حرية الاجتهاد المنضبط، بل يشجّعها في إطار ضوابط العلم والشرع، ويحرص على أن تظل الفتوى مسؤولية مؤسسية منضبطة، تصدر عن أهلها المتخصصين، بما يحفظ مكانة المؤسسة، ويصون وعي الناس من الفوضى أو التشويش.
- تشهد الشهادة الثانوية الأزهرية اهتمامًا واسعًا من الطلاب وأولياء الأمور، خاصة فيما يتعلق بعملية التصحيح وتقديم الطعون. هل هناك نية لتحديث هذه الآليات في الفترة المقبلة؟
الأزهر الشريف يضع مصلحة الطالب في مقدمة أولوياته، ويحرص كل الحرص على أن تكون منظومة التصحيح دقيقة وعادلة وشفافة، تعكس المستوى الحقيقي للطالب وتكفل تكافؤ الفرص للجميع. لذلك، نحن نعمل بشكل مستمر على تطوير آليات التصحيح والمراجعة، من خلال التوسع في استخدام النماذج الإلكترونية، وتدريب المصححين، وتفعيل منظومة المتابعة الدقيقة لمراكز التصحيح والرصد والتجميع لضمان الدقة والانضباط في كل مرحلة من مراحل التصحيح.
وفيما يتعلق بالطعون، فقد استحدث الأزهر منظومة إلكترونية متكاملة لتقديم الطعون على نتائج «الشهادة الثانوية الأزهرية»، بهدف التيسير على الطلاب وأولياء الأمور في مختلف المحافظات وتوفير الوقت والجهد، دون الحاجة إلى التنقل أو تكبد مشقة السفر. هذه المنظومة تتيح للطالب تقديم الطعن إلكترونيًّا، ومتابعة حالته، والاطلاع على صورة ورقة الإجابة أثناء المراجعة داخل كل إدارة تعليمية، بما يعزز الشفافية ويكرّس مبدأ النزاهة والعدالة. ونحن نرحب دائمًا بأي ملاحظات أو مقترحات من الطلاب أو أولياء الأمور، ونتعامل معها بكل جدية واهتمام، سعيًا لتقديم تجربة تعليمية تليق بطلاب الأزهر ومستوى تطلعاتهم.
- في ظل ما تطرحه وسائل التواصل الاجتماعي من تحديات على وعي الشباب وهويتهم.. ما الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف في ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني والديني لدى الأجيال الجديدة؟
الأزهر الشريف يدرك تمامًا خطورة التحديات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما على وعي النشء والشباب، في ظل ما تشهده هذه المنصات من تداول واسع للمفاهيم المغلوطة، وخطابات التشكيك، ومحاولات زعزعة الانتماء الوطني والديني. ومن هذا المنطلق، فإن ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز روح الانتماء لدى الشباب يعدّ أحد الأهداف الرئيسة التي تعمل عليها مؤسسة الأزهر، سواء عبر المناهج التعليمية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، أو من خلال الأنشطة التربوية والفكرية التي تُنظم داخل المعاهد والجامعات الأزهرية.
كما يُسهم قطاع واسع من مؤسسات الأزهر، كمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، والمركز الإعلامي للأزهر، في إنتاج محتوى رقمي موجه للشباب، يُقدَّم بلغة عصرية، ويعزز قيم التعايش والمواطنة، ويحمي العقول من التشتت والانغلاق. ونحن نؤمن بأن الانتماء لا يُبنى بالشعارات، بل بالتربية الواعية، والخطاب الرشيد، والحضور المؤثر في الفضاء الرقمي، وهو ما يعمل عليه الأزهر بكل وعي ومسؤولية، في الداخل والخارج، من خلال الحملات الإعلامية، والمبادرات التوعوية، واللقاءات المباشرة لتثبيت أقدام الشباب على أرضية وطنية راسخة، تنهل من قيم الدين، وتحمل همّ الوطن.
- كيف ترون مستقبل العلاقات بين الأزهر الشريف والفاتيكان بعد تنصيب قداسة البابا ليو الرابع عشر؟ وهل هناك آفاق جديدة للتعاون في المرحلة المقبلة؟
تُعدّ العلاقة بين الأزهر الشريف والفاتيكان نموذجًا رائدًا للحوار الجاد والمسؤول بين الشرق والغرب، وقد شهدت هذه العلاقة تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، ولا سيما منذ توقيع «وثيقة الأخوّة الإنسانية» في أبو ظبي عام 2019، بفضل الرؤية المستنيرة لفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والراحل قداسة البابا فرنسيس.