ما عدة المطلقة رجعيًّا إذا مات زوجها أثناء العدة؟ الإفتاء توضح

تلقت دار الإفتاء سؤال يقول ما عدة المطلقة رجعيًّا إذا مات زوجها أثناء العدة ؟فقد طلقني زوجي رجعيًّا لأول مرة منذ أسبوعين، وقد مات بالأمس؛ فهل عليّ أن أعتدّ عدَّة الطلاق الرجعي أم عدَّة الوفاة؟ وأوضحت الدار طالما أن زوجك قد طلّقك طلاقًا رجعيًّا لم يكتمل به عدد الثلاث، ثم تُوفِّي وأنتِ ما زلتِ في العدَّة، فإن كنتِ حاملًا فتنقضي عدَّتك بوضع الحمل، أمّا إن لم تكوني حاملًا فتبدأ عدَّة الوفاة من تاريخ وفاته ومدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ولا يُعتد بما مضى من أيام عدَّة الطلاق قبل وفاته.
أحكام الطلاق الرجعي
الطلاق الرجعي هو أن يطلِّق الرجل زوجته المدخول بها طلقةً واحدة أو اثنتين من غير عوضٍ أو مالٍ تأخذه الزوجة، وحكمه أن العصمة الزوجية لا تزول به ما دامت المرأة في عدتها، وإنما ينقص به عدد الطلقات التي يملكها الزوج.
وقد أجمع الفقهاء على أن المطلقة رجعيًّا تُعَدّ في حكم الزوجة؛ فلها جميع حقوق الزوجية من البقاء في بيت الزوجية، وعدم جواز زواجها من غيره، وكون العصمة لا تزال بيد الزوج فيحق له إرجاعها متى شاء خلال العدة دون رضاها. كما أنها ترثه إذا توفي وهي في عدتها.
جاء في كتب الفقهاء ما يؤكد ذلك، حيث قال البابرتي الحنفي في العناية شرح الهداية إن المطلقة رجعيًّا يجوز لها التزين والتجمُّل لأن النكاح ما زال قائمًا بينهما، ودليل ذلك بقاء أحكام التوارث. وقال إمام الحرمين الجويني في نهاية المطلب: “الرجعية زوجة ما دامت في العدة”. وكذلك ابن قدامة في المغني حيث نص على أنها زوجة يلحقها الطلاق والظهار واللعان، وأن التوارث قائم بينهما بالإجماع.
⸻
عدة المطلقة
تختلف عدة المطلقة بحسب حالها:
• الحامل: عدتها تنقضي بوضع الحمل، ولو بعد يومٍ واحدٍ من الطلاق، لقوله تعالى: ﴿وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
• غير الحامل من ذوات الحيض: عدتها ثلاثة قروء، والقرء عند الحنفية هو الحيض.
• غير الحامل من غير ذوات الحيض (آيسة أو صغيرة): عدتها ثلاثة أشهر قمرية.
والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228]، وقوله سبحانه: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ … فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ … وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
⸻
عدة المتوفى عنها زوجها
• إذا لم تكن حاملاً: عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، بلا فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها، والصغيرة والكبيرة، وذلك لعموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234]. وقد انعقد الإجماع على هذا الحكم كما ذكر ابن قدامة في المغني.
• إذا كانت حاملاً: فجمهور الفقهاء على أن عدتها تنقضي بوضع الحمل، سواء طالت المدة أم قصرت، عملًا بآية [الطلاق: 4]. وخالف بعض الصحابة كعلي بن أبي طالب وابن عباس في رواية، فقالوا: تعتد بأبعد الأجلين من الوضع أو أربعة أشهر وعشر. لكن الجمهور رجَّحوا أن وضع الحمل هو نهاية العدة، لأن النص القرآني صريح في ذلك.
⸻
المطلقة رجعيًّا إذا مات عنها زوجها في العدة
إذا مات الزوج عن مطلقة رجعيًّا وهي لا تزال في عدتها، فإن عدتها تتحوّل إلى عدة وفاة (أربعة أشهر وعشرة أيام)، ويُلغى ما تبقى من عدة الطلاق، لأنها تُعدّ زوجة ما دامت في العدة. أما إن كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل.
وقد نقل الفقهاء هذا الحكم بوضوح؛ فالكاساني في بدائع الصنائع بيّن أن المطلقة رجعيًّا إذا مات زوجها تنتقل عدتها إلى عدة الوفاة باتفاق، لأن الزوجية ما زالت قائمة. وقال ابن عبد البر في الكافي: إن الطلاق البائن لا تنتقل عدته، أما الرجعي فتلزمها عدة الوفاة. وأكد الدردير المالكي، والشربيني الشافعي، والبهوتي الحنبلي الحكم نفسه مع اختلاف تعبيراتهم.