في ذكرى ميلاده.. صالح عبد الحي صوت الطرب الأصيل الذي سحر القلوب

تحل اليوم السبت 16 أغسطس، ذكرى ميلاد المطرب الكبير صالح عبد الحي (1896 – 1962)، أحد أعلام الطرب الشرقي الأصيل في مصر والعالم العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين، وصاحب الصوت العذب الذي ملأ المسارح وسحر قلوب عشاق الفن الأصيل لعقود طويلة.
النشأة والبدايات
وُلد المطرب صالح عبد الحي في حارة درب الحلواني بحي السيدة زينب، في بيت عريق ارتبط بالموسيقى، حيث نشأ في كنف خاله الموسيقي الكبير عبد الحي حلمي الذي رعاه وعلمه أصول الغناء، فأخذ عنه اسمه وعشقه للفن، حيث تتلمذ على يد كبار رواد الطرب الأصيل مثل: سلامة حجازي، عبده الحامولي، وسيد درويش، فحمل راية الغناء الشرقي التقليدي، وظل مخلصًا للمقام والموال والطرب الحر الذي لا يعرف التصنع أو الزيف.
بداية المشوار الفني
بدأت مسيرة صالح عبد الحي الفنية عندما رشحه الشيخ سلامة حجازي للغناء بين فصول المسرحيات التي كانت تقدمها منيرة المهدية وعلي الكسار. وسرعان ما لمع نجمه، خاصة بعدما حل محل الموسيقار محمد عبد الوهاب في أداء دور “أنطونيو” بمسرحية “كليوباترا”، وهو الدور الذي فتح له أبواب الشهرة الواسعة.
ولم يكتفِ صالح عبد الحي بالغناء على المسارح الكبرى، بل أسس مجموعة غنائية باسم “الصهبجية”، ضمت عددًا من الهواة من أبناء الطبقات الشعبية الذين عملوا في مهن بسيطة نهارًا، وأحيوا الحفلات ليلًا، لتكون فرقة معبرة عن الفن الشعبي الأصيل.
ذروة المجد والشهرة
بلغ صالح عبد الحي قمة مجده في العشرينيات والثلاثينيات، حتى أصبح واحدًا من أعلى المطربين أجرًا في مصر، حيث كان يتقاضى ما يقارب 3 آلاف جنيه ذهبًا عن الحفل الواحد، وهو مبلغ ضخم في ذلك العصر، ويُحكى أن الزعيم سعد زغلول حضر إحدى حفلاته ودفع 100 جنيه ذهبًا ثمن التذكرة، تقديرًا لمكانته وصوته.
أبرز الأغنيات
قدّم صالح عبد الحي عددًا من الروائع التي لا تزال عالقة في وجدان عشاق الطرب الشرقي، ومن أشهرها:
• “ليه يا بنفسج” (كلمات بيرم التونسي – ألحان رياض السنباطي).
• “أهل الجمال”.
• “الصبوات”.
أغنيات رسخت اسمه كأحد كبار مطربي التراث، وحافظت على مكانته بين عشاق المقام والموال والإنشاد الشرقي.
النهاية الحزينة
رغم المجد والشهرة، جاءت نهاية حياة صالح عبد الحي حزينة؛ فقد أصيب بوعكة صحية في أواخر الخمسينيات أجبرته على الابتعاد عن الغناء، وسافر للعلاج بالخارج، لكن المرض أنهكه حتى رحل عن عالمنا في 3 مايو 1962، المفارقة المؤلمة أن جنازته وعزاءه لم يشهدهما إلا عدد قليل من الناس، بعد أن كانت حفلاته تضج بالجماهير وتعج بالآلاف من عشاق صوته.
إرث لا يزول
يبقى صالح عبد الحي رمزًا لفن الطرب الأصيل، وأحد الأصوات التي حملت مشعل الغناء الشرقي في زمن عمالقة الموسيقى، لتظل أعماله خالدة في ذاكرة عشاق الفن حتى يومنا هذا.