حكم صلاة من صلّى دون تحرّي القبلة ثم تبيّن له أنه كان مستقبلًا لها

أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا شرحت فيه الحكم الشرعي لحالة شخص أقام مدة شهر في مكان جديد، وأدى الصلوات المفروضة دون أن يجتهد في معرفة اتجاه القبلة،ثم اكتشف لاحقًا أنه كان في صلاته مستقبلًا للقبلة الصحيحة.
وأوضحت الدار أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 150]، وإلى ما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمسيء صلاته: «ثم استقبل القبلة فكبِّر»، متفق عليه.
ما الحكم لو جهل الشخص القبلة؟
وبيّنت أن الواجب على من يجهل جهة القبلة هو السؤال أو الاجتهاد في التحري، فإن اجتهد أو سأل ثم تبين له الخطأ فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وكذلك إذا اجتهد وأصاب القبلة. أما من صلّى دون سؤال أو تحرٍّ، فإن تبين خطؤه وجبت عليه الإعادة، وإن تبين أنه أصاب القبلة فقد اختلف الفقهاء في حكمه.
فقد ذهب الحنفية في المعتمد والحنابلة في قولٍ إلى أن صلاته صحيحة ما دام قد أصاب القبلة فعلًا، مستدلين بعموم قوله تعالى: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾، ولأن المطلوب شرعًا هو حصول الاستقبال ولو بغير تحرٍّ.
بينما رأى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد أن صلاته باطلة ويجب عليه الإعادة، لأنه ترك واجب الاجتهاد وسؤال أهل الخبرة، وصلاته في هذه الحالة مبنية على الوهم لا على الظن الراجح.
وأكدت دارالإفتاء أن المختار للفتوى هو قول الجمهور بوجوب الإعادة في هذه الحالة، خروجًا من الخلاف واحتياطًا للصلاة، مع الإشارة إلى أن من قلّد من يفتي بالصحة فصلاته مجزئة ولا إثم عليه، إذ أن أفعال العوام محمولة على ما يصح من مذاهب المجتهدين.
واختتمت الدار بيانها بالتنبيه على وجوب التحري أو السؤال عن اتجاه القبلة في أي صلاة مستقبلية، لأن الصلاة عماد الدين وأعظم أركانه العملية، ولا ينبغي التهاون في شرط من شروط صحتها.
استحباب الخشوع في الصلاة
يستحبُّ للمسلم أن يخشع في صلاته، وأن يجتنب كل ما يُلْهيه عن هذا الخشوع، أو يمنعه منه؛ كالنظر في غير موضع السجود، وتحويل وجهه يَمْنَة ويَسْرة، وما شابه ذلك؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 314، ط. دار الفكر): [أجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة، وغضِّ البصر عمَّا يُلْهِي، وكراهةِ الالتفات في الصلاة، وتقريبِ نظره، وَقَصْرِهِ على ما بين يَديهِ] اهـ.
حكم الالتفات في الصلاة لحاجة
الأصل أن يُولِّيَ المُصلِّي وجهه نحو القبلة، ولا يلتفت يمنة ويسرة، فإن كان الالتفات لحاجة جاز من غير كراهة؛ لما أخرجه أبو داود في "سننه" عن سهل ابن الحنظلية قال: ثُوِّب بالصلاة -يعني صلاة الصبح-، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصلِّي وهو يلتفت إلى الشِّعْب، قال أبو داود: وكان أرسل فارسًا إلى الشِّعْب من الليل يحرس.