ما حكم بيع شعر الآدمي، وهل يجوز التبرع بالشعر لمرضى السرطان؟

قالت دار الإفتاء أن الاتجار بشعر الإنسان بيعًا أو شراءً محرَّم شرعًا، سواء كان الشعر مأخوذًا بقصه من رأسه أو كان مما تساقط عنه
من مظاهر تكريم الإسلام للإنسان
جعل الله تعالى الإنسان خليفة في الأرض، وأودع فيه العقل ليميز بين الخير والشر، والنافع والضار، وأرسل إليه الرسل بالشرائع السماوية لتنظم علاقته بربه ونفسه وبالناس من حوله. وخُتمت الرسالات بدين الإسلام الذي جاء متممًا ومهيمنًا على ما سبقه من الشرائع، جامعًا للمبادئ والقواعد التي تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان، حتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48].
ومن تكريم الله للإنسان أنه جعله مكرمًا عزيزًا، كما قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ…﴾ [الإسراء: 70]، وجعل جسده أمانة لا يجوز إهانته أو إتلافه ولو من صاحبه نفسه، فحرم قتل النفس إلا بالحق، ونهى عن تعريضها للهلاك، وحث على حسن السعي في طلب الرزق بلا استعجال ولا مخالفة للشرع.
حكم بيع شعر الإنسان
من صور تكريم الإنسان شرعًا: تحريم بيع أي جزء من جسده، ومن ذلك الشعر، سواء كان مقصوصًا أو متساقطًا. وعلل الفقهاء ذلك بعدة أمور:
1. منافاة البيع لكرامة الإنسان
فالإنسان ليس سلعة، وأجزاؤه محترمة لا يجوز إهانتها أو الاتجار بها، كما نص على ذلك فقهاء المذاهب، ومنهم الحنفية الذين أكدوا أن شعر الآدمي وإن كان طاهرًا فهو مكرم كصاحبه، وكذلك المالكية الذين حمل بعضهم كراهة بيع الشعر على التحريم، والشافعية والحنابلة الذين نصوا على حرمة الانتفاع بشعر الآدمي أو سائر أعضائه.
2. عدم الملكية الشرعية للشعر
من شروط صحة البيع أن يكون المبيع مملوكًا للبائع، وشعر الإنسان ليس ملكًا يتصرف فيه بالبيع أو المعاوضة، فإذا باعه دخل في حكم بيع ما لا يملك.
التبرع بالشعر لمرضى السرطان
تحريم بيع الشعر لا يتعارض مع جواز التبرع به لمرضى السرطان ممن فقدوا شعرهم بسبب العلاج الكيماوي، إذ الإذن بالانتفاع هنا لحاجة معتبرة شرعًا، لما فيه من تخفيف الضرر النفسي الواقع عليهم، وهذا يختلف عن البيع الذي يقوم على المعاوضة الممنوعة في هذا الباب.