عاجل

ما صيغة دعاء الاستفتاح في الصلاة .. وما حكمه؟ الإفتاء توضح

الصلاة
الصلاة

أوضحت دار الإفتاء فيما ورد إليها من سؤال :ما صيغة دعاء الاستفتاح في الصلاة ؟ أن الاستفتاح في اللغة هو البدء والافتتاح، فيقال:“استفتحت الشيء” أي ابتدأته.
وفي الاصطلاح: هو الذكر الذي يُقال بعد تكبيرة الإحرام وقبل الاستعاذة لبدء القراءة، مثل: “سبحانك اللهم” أو “وجهت وجهي”، وسُمِّي بذلك لأنه يُستفتح به الصلاة.

وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة صيغ لدعاء الاستفتاح، منها ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بدأ الصلاة قال:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

ومنها ما جاء عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة المكتوبة قال:
«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»
رواه مسلم والنسائي والبيهقي.

وقد رجّح الحنفية والحنابلة صيغة: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك”، كما في البحر الرائق لابن نجيم، والبناية للعيني، والكافي لابن قدامة.

بينما فضّل الشافعية صيغة التوجيه: “وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا…” إلى آخر الدعاء الوارد في الحديث، كما ذكر النووي في المجموع.

ورأى صاحب الإنصاف أن الأفضل أن يقال هذا تارة وذاك تارة جمعًا بين النصوص، وهو ما نقله عن ابن تيمية.

أما القاضي أبو يوسف من الحنفية، وابن تيمية، وابن هبيرة من الحنابلة، فقد اختاروا الجمع بين الصيغتين في الاستفتاح، كما ورد في البناية للعيني والإنصاف للمرداوي

هل الإسراع  في أداء الصلاة يبطلها؟ 
 

بات كثير  من الناس يؤدون صلاتهم على عجل ، وكأنها مهمة يريدون الانتهاء منها لا مناجاة يقفون فيها بين يدي الله. لكن السؤال: هل تُقبل الصلاة التي تُؤدى بسرعة دون خشوع أو طمأنينة؟ 
وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء أن : الإسراعُ المخلّ بصحة الصلاة هو أن يؤدي المصلي أركانها دون أن يثبت فيها ثبوتًا يُعتد به، وهذا الثبات يُعرف في اصطلاح الفقهاء بـ”الطمأنينة”، وهي أن تستقر الأعضاء لحظةً يسيرة عند أداء كل ركن من أركان الصلاة.
ويكون ذلك بأن يطمئن المصلي مثلًا في ركوعه أو سجوده زمنًا يكفي لقول: “سبحان ربي العظيم” أو “سبحان ربي الأعلى” مرة واحدة على الأقل، وهو الحدّ الأدنى المجزئ.
فإذا أدّى المصلي الركن وتحققت الطمأنينة بهذا القدر، كانت صلاته صحيحة ولم يُعدّ مسرعًا على وجه يُبطِل الصلاة

فضل إتقان الصلاة والحرص على أركانها وسننها
أثنى الله تعالى في كتابه الكريم على المؤمنين الذين يؤدون الصلاة بإتقان وخشوع، فقال عز وجل:
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1–2].
كما بيّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف أن إحسان أداء الصلاة بإتمام أركانها والاعتناء بركوعها وسجودها سببٌ لحفظ الله للعبد، فعن النبي ﷺ قال:
«إذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها، قالت الصلاة: حفظك الله كما حفظتني، فترفع. وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها وسجودها، قالت الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني، فتلف كما يلف الثوب الخَلِق، فيُضرَب بها وجهه» [رواه أبو داود الطيالسي].

وقد علّق الإمام المناوي في فيض القدير على قول النبي ﷺ: “قالت الصلاة: حفظك الله كما حفظتني” بأن هذا من باب الجزاء من جنس العمل، فكما حفظ المصلي أركان صلاته وأدّاها بخشوع ظاهرًا وباطنًا، كان الجزاء أن يُحفظ في دنياه وآخرته.

الطمأنينة في الصلاة ومكانتها الشرعية
الطمأنينة تعني: سكون الأعضاء واستقرارها للحظات يسيرة أثناء أداء أركان الصلاة، كأن يطمئن المصلي راكعًا أو ساجدًا بما يسمح له بقول “سبحان ربي العظيم” أو “سبحان ربي الأعلى” مرة واحدة على الأقل.
وقد اتفق جمهور الفقهاء – المالكية، الشافعية، الحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية – على أن الطمأنينة ركنٌ لا تصح الصلاة بدونه.

فقد ذكر الإمام الكاساني في بدائع الصنائع أن أبا يوسف يرى أن مقدار تسبيحة واحدة في الطمأنينة واجب.
وقال الشيخ الدردير في الشرح الصغير إن الطمأنينة من فرائض الصلاة عند المالكية، وهي استقرار الأعضاء زمنًا في كل ركن.
وأشار الإمام الخطيب الشربيني في مغني المحتاج إلى اشتراط الطمأنينة لصحة الركوع والقيام، مستندًا لحديث المسيء في صلاته.
وأكد الإمام البهوتي في كشاف القناع أنها ركنٌ في كل حركات الصلاة: الركوع، السجود، الاعتدال، والجلوس بين السجدتين.

الدليل النبوي على ركنية الطمأنينة
أوضح النبي ﷺ ركنية الطمأنينة في حديثه مع الرجل الذي أساء في صلاته، حيث دخل الرجل المسجد، فصلّى ثم سلَّم على النبي، فقال له: «ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ» ثلاث مرات.
ثم علّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الطريقة الصحيحة للصلاة قائلًا:
«إذا قمت إلى الصلاة فكبّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها» [رواه البخاري ومسلم].

وقد استدل العلماء بهذا الحديث على أن الطمأنينة ركن، كما قال الإمام ابن بطال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بإعادته للصلاة مرة واحدة، بل أعادها ثلاثًا، ثم علّمه كيفية الطمأنينة، مما يدل على أن فقدها يبطل الصلاة.

ضابط السرعة التي تؤثر على صحة الصلاة
لا يُشترط في صحة الصلاة الإطالة، بل يجوز التخفيف ما دام المصلي يأتي بالأركان ويحقق الطمأنينة فيها.
وقد وصف أنس بن مالك رضي الله عنه صلاة النبي ﷺ بأنها “أخف صلاة وأتمها” [رواه مسلم]، مما يدل على أن السرعة المقرونة بالإتقان لا تضر.

لكن المذموم هو التسرع الذي يُخلّ بالطمأنينة والخشوع، وقد ورد في الحديث عن النبي ﷺ قوله:
«تلك صلاة المنافق، يَجلس يَرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا» [رواه مسلم].
وقد علّق الإمام النووي على ذلك بأن المقصود بـ”نقرها” هو السرعة الشديدة في الحركات دون طمأنينة أو ذكر، وهو مذموم شرعًا

 

تم نسخ الرابط