محلل سياسي: لسنا أمام «نظرية مؤامرة».. مصر ستواجه تفتيت الإقليمي| فيديو

أكد أسامة الدليل، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أن ما تتعرض له مصر والمنطقة العربية حاليًا لم يعد في إطار "نظرية مؤامرة" تقليدية، بل تجاوز تلك المرحلة إلى واقع عملي على الأرض، قائًلا: “ما يجري هو تنفيذ فعلي لمخططات معروفة تستهدف تقسيم وتفتيت الدول العربية، وليس مجرد تصور نظري أو تخوف مستقبلي”.
وأوضح أسامة الدليل، خلال لقائه في برنامج "ستوديو إكسترا"، على قناة إكسترا نيوز، أن هذه المخططات تشبه السيناريوهات التي طُبقت بالفعل على دول مجاورة، مشيرًا إلى السودان وسوريا وليبيا كنماذج حية، مضيفًا: "ما يحدث الآن هو نسخة مكررة من مؤامرات القرن الماضي، ولكن بأدوات جديدة."
بأسس مذهبية وعرقية
وحذر أسامة الدليل من إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة، مؤكدًا أن الحدود الجغرافية الحالية التي يعرفها العالم العربي لم تتجاوز المئة عام، وبدأت قوى إقليمية ودولية في الدفع نحو تغييرها مجددًا.
وأشار أسامة الدليل إلى أن الأسس الجديدة لهذه الخرائط لا تقوم على السيادة الوطنية، بل على الطائفية والعرقية، بحيث يتم تمزيق الدول من الداخل عبر خلق كيانات متنازعة وهويات متصادمة، وهو ما يجعل الاستقرار مستحيلاً.
مشاريع متضاربة وخطيرة
وكشف أسامة الدليل أن هناك ثلاث قوى رئيسية تتصارع على إعادة صياغة المشهد الإقليمي، وهي: إيران، وتركيا، وإسرائيل، ولكل منها أجندة مختلفة ومشروع منفصل، قائًلا: "إيران تسعى لتوسيع نفوذها الطائفي في المنطقة، في حين تحاول تركيا إحياء مشروع الخلافة العثمانية، أما إسرائيل فتهدف إلى تفتيت محيطها العربي لمصلحة أمنها القومي".
وأضاف أسامة الدليل أن تداخل هذه المشاريع واصطدامها ببعضها أحيانًا لا يلغي أنها تتفق جميعًا على إضعاف الدول الوطنية العربية، وهو ما يمثل الخطر الحقيقي الذي يجب الانتباه له ومواجهته بكل وضوح.
استغلال العاطفة الجماعية
وأكد أسامة الدليل أن العاطفة الجماعية أصبحت سلاحًا فعالًا في يد أعداء المنطقة، حيث يتم استخدامها في تحريض الشعوب على دولها، أو لزرع الشكوك والفتن بين مكونات المجتمع الواحد، مشيرًا إلى أن العاطفة تسهّل عمليات الخداع والتضليل، لأنها تضعف التفكير النقدي وتُغذي ردود الأفعال الغاضبة.
وقال أسامة الدليل إن أخطر ما في هذا الأسلوب هو سهولة انتشاره عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم تضخيم الأحداث وتزييف الحقائق ونشر الشائعات التي تثير الغضب والانقسام.
مغيبون في هندسة الخراب
ولفت الكا أسامة الدليل تب إلى أن ما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن بعض أبناء المنطقة يشاركون في تنفيذ المخطط دون وعي أو إدراك، قائلًا: "الكارثة أن من ينفذون هندسة هذا الخراب ليسوا الأعداء التقليديين فقط، بل بعض المواطنين المغيبين الذين يصدقون الأكاذيب ويرددونها بجهل."
وأضاف أسامة الدليل: "هم لا يفعلون ذلك لأنهم أعلم أو أكثر وعيًا، بل لأنهم ضحايا منظومات التضليل، ويتهربون من مواجهة الحقيقة المرة، وهي أن دولهم مستهدفة، وأن عليهم دورًا في حمايتها."

دعوة لمواجهة الواقع
واختتم أسامة الدليل تصريحاته بدعوة صريحة إلى اليقظة الشعبية والمجتمعية، مؤكدًا أن “الاستمرار في تجاهل ما يجري سيؤدي إلى مصير مشابه لدول أخرى تمزقت بالفعل”، قائًلا: "لا يكفي أن نستمر في توصيف ما يحدث على أنه مجرد مؤامرة، فقد أصبحت الأمور أكثر وضوحًا، ونحن الآن داخل لعبة أكبر من التصورات السطحية."
وشدد أسامة الدليل على أن مواجهة هذه التحديات تبدأ من استعادة العقل الجمعي، ومقاومة الإعلام المضلل، وبناء خطاب وطني يُعلي من قيم الوحدة والوعي والاستقلال الوطني، مؤكدًا أن هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الدولة المصرية من خطر التقسيم أو الفوضى.