صناعة المفتي الرشيد.. أمين الفتوى: مؤتمر يَستشرِف المستقبل ولا يكتفي بالتراث

قال الدكتور هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء إن مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم المزمع انعقاده في القاهرة خلال المدة 12-13 أغسطس 2025م الجاري، يُعَدُّ محطةً فكريةً مهمةً في مسار تطوير الأداء الإفتائي العالمي، لا سيما في ظِلِّ التَّحولات التقنية التي فرضها عصر الذكاء الاصطناعي.
صناعة المفتي الرشيد
وتابع: يَحمِل المؤتمر لهذا العام عنوانًا دقيقًا واستشرافيًا هو: «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي» وهو ما يعكس وعيًا مؤسَّسيًا مِن فضيلة المفتي أ.د/ نظير عَيَّاد بأهمية إعداد الكوادر الشرعية لمواجهة تحديات العصر والتعامل الرشيد مع أدوات الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: تاريخيًا... شهدت السنوات الأخيرة بروز تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في مجالات شتى، ومنها المجال الديني، وهو ما فَرَض تحديات جديدة أمام المؤسسات الدينية ودوائر الإفتاء، من قبيل انتشار الفتاوى الآلية غير المنضبطة، واستخدام تطبيقات توليد المحتوى في صياغة الفتاوى، وتأثير الخوارزميات على تشكيل الوعي الديني.
وفي هذا السياق، برزت الحاجة إلى تنظيم مؤتمر علمي يبحث في مسألة «صناعة المفتي الرشيد»، أي: إعداد المفتي المؤهَّل فنيًا وتقنيًا للتفاعل مع هذه المتغيرات، بما يَضْمَن سلامة الخطاب الديني، وموثوقية الفتوى، وتَجنُّب الانزلاق نحو الفتاوى الـمُعلَّبة أو قُلْ "المضلِّلة".
ومن خلال الاطلاع على ما نُشِر إعلاميًّا عبر منصات دار الإفتاء المصرية عن تفاصيل المؤتمر مِن حيث الأهداف والمحاور أستطيع أن أسجِّل رؤية للمؤتمر الذي نريده هذا العام، لا سيما وأننا لا نريد مؤتمرًا يكتفي بتوصيف المشكلات، بل يطرح حلولًا واقعية ومبادرات تنفيذية تنقل العمل الإفتائي من طور ردِّ الفعل إلى طور "الريادة الفاعلة".
وعليه... فإنَّ "المؤتمر الذي نريده" ينبغي أن يتَّسِم بمجموعةٍ مِن الخصائص المنهجية والمخرجات العملية.
أَوَّلها: مؤتمر يَستشرِف المستقبل ولا يكتفي بتراث الماضي: فالمفتي التراثي غير المفتي الرشيد في العصر الحاضر الذي لم يعد مجرد ناقل للفتوى، بل أصبح شخصية معرفية مركَّبة من أمور ثلاثة:
1-التَّمكُّن الشرعي.
2- الوعي التقني والمعلوماتي (الذكاء الاصطناعي، وأمن المعلومات، وتحليل البيانات).
3- الوعي الاجتماعي والتواصل مع الجمهور عبر أدوات الإعلام الرقمي.
ثانيها:
مؤتمر يُنتج سياسات إفتائية رقمية، والتي منها:
1- خارطة طريق للتَّحوُّل الرقمي الإفتائي -وبحثي الذي تَقدَّمتُ به للمؤتمر هذا العام في خصوص هذه الجزئية-.
2- سياسات إرشادية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تدريب المفتين خاصة.
3- إطار تشريعي لحوكمة الفتوى الرقمية.
ثالثها: مؤتمر يُرسِّخ التعاون الفَعَّال بين الإفتاء والمؤسسات التقنية، وذلك من خلال شراكات استراتيجية مع شركات التقنية الكبرى (مثل Google، Microsoft) لتطوير أدوات مُخصَّصة للفتوى، وأيضًا مع المراكز البحثية المشتركة بين العلماء وخبراء الذكاء الاصطناعي.
رابعها:
مؤتمر يُفعِّل مفهوم "السِّيادة الرقمية الإفتائية"، وأبسطها مواجهة الفتوى المضللة عبر الذكاء الاصطناعي نفسه.
وقال إنَّ "المؤتمر الذي نريده" ليس تَرَفًا فكريًا، بل ضرورة حضارية لحماية الفتوى من العبث التقني، وضمان بقائها مصدر هداية واستقرار، وهو أيضًا نداء للمُتَصدِّر للإفتاء بأن يواكب أدوات العصر بعقلٍ رشيدٍ لا يذوب فيها ولا ينفصل عنها.