عاجل

بين الحكاية والظل .. سر أشجار البونسيانا في الإسماعيلية

أشجار البونسيانا
أشجار البونسيانا

تقف أشجار البونسيانا شامخة على امتداد شوارع الإسماعيلية، تفتح ذراعيها كل صيف لتُهدي المدينة ألوانًا لا تخبو، وبهجة لا تُنسى. شجرة ليست ككل الأشجار، بل إرث من الجمال، وواحدة من أقدم الأشجار المزهرة التي زُرعت على أرض المدينة، ويعود تاريخها إلى نهايات القرن التاسع عشر، في عهد الخديوي إسماعيل.

كان الخديوي إسماعيل يؤمن بأن الجمال والعمران وجهان لعملة واحدة. فبدأت الحملات لتجميل المدينة ، واستُقدمت أنواع مختلفة من الأشجار والنباتات من الهند ومدغشقر وجزر الهند الشرقية، من بينها شجرة البونسيانا، التي وجدت في تربة المدينة ومناخها الدافئ ملاذًا مناسبًا لنموها وازدهارها.

وسرعان ما تحولت البونسيانا من مجرد شجرة وافدة إلى رمز بصري مميز، يمتد ظلها على الأرصفة، وتُزهر بفخر كل صيف، حتى أصبحت من أبرز ملامح الإسماعيلية، وواحدة من الأشجار التي ارتبطت بهويتها الثقافية والجمالية.

سر أشجار البونسيانا

تُعرف البونسيانا علميًا باسم Delonix regia، وتتميّز بأزهارها النارية التي تتدرج بين الأحمر، البرتقالي، والأصفر في أنواع نادرة. 

وقد تمّ التوسع في زراعتها خلال العقود الماضية، لتُغطي مناطق واسعة من المدينة، مثل طريق البلاجات، شارع الثلاثيني، وحدائق حي الشيخ زايد.

اليوم، تُنتج شتلات البونسيانا محليًا في مشاتل الإسماعيلية، ضمن خطط التشجير التي تهدف إلى زيادة الرقعة الخضراء وتحسين البيئة البصرية في المدينة.
"شجرة البونسيانا ليست مجرد عنصر جمالي، بل جزء من روح المدينة، وجودها من أيام الخديوي إسماعيل يمنحها قيمة تاريخية، ويجعل الحفاظ عليها مسؤولية مجتمعية قبل أن تكون مهمة إدارية."

وهكذا، تظل البونسيانا الملوّنة شاهدة على قرنٍ ونصف من التغيير، شاهدة على ماضٍ ملوّن، وحاضرٍ لا يزال يُراهن على الجمال، في مدينة وُلدت على ضفاف قناة، وتفتحت على ظل شجرة.

لا نزرع البونسيانا فقط من أجل الظل أو المنظر، بل لنعلم أبناءنا أن البيئة الجميلة تُصنع بيد الإنسان، وأن الجمال قيمة يجب أن تعاش كل يوم".

في كل عام، وبينما تتفتح الأزهار وتُغطي أغصان البونسيانا، تتجدد روح المدينة، وكأنها تعلن أن الحياة لا تُقاس بالضجيج، بل بلحظة هدوء تحت شجرة مزهرة، تُشبه في رقتها قلوب من يسكنون هذه الأرض.

تم نسخ الرابط