عاجل

يسري جبر: لولا الصحابة لضاع الفهم التطبيقي للشريعة السليمة

الدكتور يسري جبر
الدكتور يسري جبر

قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن من أعظم ما يُحمد للصحابة الكرام رضوان الله عليهم أنهم لم يكتفوا بنقل أقوال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل حرصوا على نقل أفعاله وسلوكياته بدقة بالغة، ليكون ذلك بيانًا عمليًّا للأحكام الشرعية، وسبيلاً لفهم الدين فهمًا تطبيقيًّا واقعيًّا.

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال حديثه في حلقة جديدة من برنامج "اعرف نبيك"، المذاع على قناة "الناس" يوم السبت، أن الصحابة تتبعوا أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في كل موقف، ودوَّنوا أقواله وأفعاله وتقريراته، فكانوا بحقٍّ حفظةً لسنة رسول الله بشقيها النظري والعملي، وقال: "جزاهم الله عنا خير الجزاء، فلولاهم لضاعت علينا كثير من الأمور العملية التي لا تُفهم بمجرد النصوص".

التوجيه النبوي

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الأمة بوسائل متعددة، فكان يوجّه بالكلمة، ويُرسّخ المعنى بالفعل، ويُقِرّ التصرف الصحيح بالتقرير، مشيرًا إلى أن هذه الأبعاد الثلاثة اجتمعت في شخصه الكريم لتكون سنته الشريفة نموذجًا متكاملاً يبيِّن مراد الله تعالى في كتابه، ويهدي الأمة إلى سواء السبيل.

دقة الصحابة في نقل السنة

وأشار الدكتور جبر إلى دقة الصحابة في نقل السنة، مبينًا أنهم كانوا يلاحظون أدق التفاصيل، حتى إذا خالف النبي عادته في موضع ما، سجلوه ليُفهم أن هذا التصرف خاص بسياقه. واستدل على ذلك بموقف النبي في مناسك الحج، حيث خالف بعض عاداته المتبعة في غير الحج، مما بيّن أن ذلك من خصوصيات الشعيرة لا من عموم السلوك.

وتابع: "في كل مقام مقال، وفي كل موقف فعل يناسبه، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تكرارًا لأقوال مجردة، بل كانت بيانًا ربانيًا، ورحمةً مهداة، ومنهجًا تطبيقيًا لفهم الوحي والعمل به"، مؤكدًا أن التأسي بالنبي في أقواله وأفعاله وتقريراته ضرورة لفهم الشريعة فهمًا سليمًا.

وأشار الدكتور يسري جبر إلى أن الصحابة لم يكونوا مجرد ناقلين للنصوص، بل كانوا فقهاء في النقل، مدركين لمقاصد الشريعة، مراعين للظروف والسياقات التي قيلت أو فُعلت فيها الأحاديث، ولذلك حفظوا للأمة منهجًا تطبيقيًا متكاملًا يمكن السير عليه في مختلف الأزمنة والأمكنة. وقال: "الصحابي إذا رأى النبي يفعل شيئًا خالف به عادته في موضع معين، لم يكتفِ بسرده، بل كان يضيف ملاحظته: أن هذا خلاف المعتاد، ليبين أن الفعل متعلق بمقام خاص، كما فعلوا في نقل مناسك الحج، التي حملت تفاصيل دقيقة لتعليم الأمة".

وأكد أن ذلك يُبيّن مكانة السنة النبوية كبيان رباني للقرآن، لا ينفك عنها، ولا يُستغنى بها عن فهم مراد الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان هو المفسر العملي لما أنزل على قلبه من الوحي، وقد تجلت رحمته بالأمة في حرصه على البيان، حتى لا يضل الناس أو يختلفوا في التطبيق.

وختم الدكتور جبر حديثه بالتنويه إلى أن كل جيل من المسلمين مدينٌ للصحابة بهذا النقل الأمين، وهذه الأمانة العلمية التي أدوها بكل إخلاص، داعيًا إلى الاقتداء بهم في فهم السنة، وإحياء منهجهم في التلقي والعمل.

تم نسخ الرابط