عاجل

أمين الفتوى: النذر لا يسقط إلا بالوفاءبه.. أو تُخرَج كفارته

الشيخ إبراهيم عبد
الشيخ إبراهيم عبد السلام

أكد الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن النذر من الأمور التي يوجبها الإنسان على نفسه، وهو مكروه شرعًا، لأن فيه نوعًا من سوء الأدب مع الله سبحانه وتعالى، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ لم يكن يحب النذر، إذ يحمل معنى الاشتراط على الله.

لايسقط النذر إلا بالوفاء 

وأوضح الشيخ عبد السلام ،خلال حديثه ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن من نذر نذرًا بصيغة واضحة مثل "نذرت لله أن أفعل كذا" فقد أوجب ذلك في ذمته، ولا يسقط النذر إلا بالوفاء، مؤكدًا أن النذر يصبح دينًا يجب قضاؤه متى تيسرت الظروف، كما هو الحال في سؤال السائلة التي تنتظر سفر زوجها وتحسن حالها المادي.

الكفارة أو الإطعام

وأضاف أن من لم يستطع الوفاء بالنذر على الإطلاق، فعليه كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام، كما ورد في قوله تعالى: "وليوفوا نذورهم" [الحج: 29].

وشدد أمين الفتوى على أن الأفضل عدم اللجوء للنذر، ويمكن للمسلم أن يعزم النية على فعل الخير دون اشتراط، فهذا أقرب إلى الأدب مع الله وأخف في التكاليف.

https://youtube.com/shorts/bzdfbEEHMN4?si=Z-ODivwjOV6eymii

حكم من نذر صوم وقت معيَّن ولا يستطيع الوفاء به


وقالت دار الإفتاء: إذا تقرر ذلك فللفقهاء مسلكان فيمن نذر صوم وقتٍ معيَّن: هل يتعين بتعيينه أم لا؟ فعند الحنفية أنه لا يتعين بالتعيين، بل يُجزِئه أن يصوم يومًا عن آخَر وشهرًا عن آخَر، قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح": وألغينا تعيينَ الزمان وتعيين المكان وتعيين الدرهم وتعيين الفقير؛ لأن النذر إيجاب الفعل في الذمة من حيث هو قربة لا باعتبار وقوعه في زمان ومكان وفقير، وتعيينُه للتقدير به أو التأجيل إليه، فيجزئه صوم شهر رجب عن نذره صوم شعبان؛ لوجود السبب، وهو النذر والقربة لقهر النفس، لا بوقوعه في شهر بعينه، وفي تعجيله نفع له بتحصيل ثواب قد يفوت بموته أو طروء مانع قبل مجيء الوقت، وإن كان بإضافته قصد التخفيف حتى لو مات قبل مجيء ذلك الوقت لا يلزمه شيء فأعطيناه مقصوده.

والصحيح عند الشافعية أنه يلزمه الوفاء بهذا النذر على الوجه الذي نذره أبدًا؛ بناءً على أن الوقت المعين للصوم يتعين، ويقع الصوم متتابعًا؛ لتعيُّن أيام الشهر، وليس التتابع مستحَقًّا في نفسه، فلو أفطر من هذا الشهر يومًا لا يلزمه الاستئناف، ولا يلزمه التتابع في قضائه كما في قضاء رمضان؛ بناءً على أن الواجب بالنذر لا يزيد على الواجب بالشرع.

وعند الحنابلة أنه يتعين كذلك بالتعيين؛ فيلزمه صيامه كما نذره، لكنه إن أفطر قضى عندهم متتابعًا، فالقضاء عندهم كالأداء؛ كما وجب متتابعًا فإنه يُقضى متتابعًا، فإذا عجز عن أدائه عجزًا لا يُرجى زوالُه لكِبَرٍ أو مرضٍ لا يُرجى بُرؤُه فقد اختلفوا: هل تجب عليه الفديةُ عن كل يوم يفطره، أو الكفارةُ ليَخرُجَ من النذر، أو أنه لا شيء عليه أصلًا؛ وذلك بناءً على أنه هل يُسلك بالنذر مَسلَك واجب الشرع أم جائزه؟

فالجمهور من الحنفية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة يوجبون عليه الفدية -وهي إطعام مسكين عن كل يوم- كما هو الحال فيمن عجز عن صيام شهر رمضان، ويزيد الحنابلة عليه كفارة يمين؛ مستدلين بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كَفَّارةُ النَّذرِ كَفَّارةُ اليَمِينِ» رواه مسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، وبحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن نَذَرَ نَذرًا لم يُسَمِّه فكَفَّارَتُه كَفَّارةُ يَمِينٍ، ومَن نَذَرَ نَذرًا في مَعصِيةٍ فكَفَّارَتُه كَفَّارةُ يَمِينٍ، ومَن نَذَرَ نَذرًا لا يُطِيقُه فكَفَّارَتُه كَفَّارةُ يَمِينٍ» رواه أبو داود.

وعلى الرواية الأخرى عند الحنابلة لا يلزمه إلا الكفارة؛ لأن موجَبَ النذر موجَبُ اليمين.

والشافعية لا يوجبون الكفارة إلا في نذر اللَّجاج والغضب، ومِن العلماء مَن يجعل الكفارةَ في النذر المطلَق أو نذر المعصية فقط.

أما المالكية فيُسقِطون عنه وجوبَ أداء النذر عند العجز الذي لا يُرجى زوالُه، ولا يُلزمونه بكفارة ولا فدية. هذا، وقد حكى الإمام النووي في "شرح مسلم" عند كلامه على حديث «كَفَّارةُ النَّذرِ كَفَّارةُ اليَمِينِ» مذاهب العلماء في كفارة النذر فقال: اختَلَفَ العُلَماء في المُراد به؛ فحَمَلَه جُمهُور أَصحابنا على نَذر اللَّجاج، وهو أَن يَقُول إنسانٌ يُرِيد الامتِناع مِن كَلام زَيد مَثَلًا: إن كَلَّمتُ زَيدًا -مَثَلًا- فللَّه عليَّ حَجَّة، أَو غَيرها، فيُكَلِّمه، فهو بالخِيارِ بين كَفَّارة يَمِين وبين ما التَزَمَه، هذا هو الصَّحِيح في مَذهَبنا، وحَمَلَه مالِك وكَثِيرُونَ -أو الأَكثَرُونَ- على النَّذر المُطلَق، كقَوله: عليَّ نذر، وحَمَلَه أَحمَد وبَعض أَصحابنا على نَذر المَعصِية، كمَن نَذَرَ أن يَشرَب الخَمر، وحَمَلَه جَماعة مِن فقهاء أَصحاب الحَدِيث على جَمِيع أَنواع النَّذر، وقالُوا: هو مُخَيَّر في جَمِيع النُّذُورات بين الوَفاء بما التَزَمَ، وبين كَفَّارة يَمِين.

وقالت دار الإفتاء:فإذا لم تستطع الوفاء بنذرك ولو بالتفريق في الأداء أو القضاء فعليك أن تُخرِج فديةً إطعامَ مسكينٍ عن كل يومٍ تركتَ صومَه إن كنتَ مُوسِرًا، فإن عَسُر عليك ذلك فيمكنك أن تَخرُجَ مِن نذرك هذا بكفارة يمين؛ أخذًا بإحدى الروايتين عند الحنابلة وبعض فقهاء أصحاب الحديث، فإن عَسُر عليك ذلك أيضًا فقلِّدِ المالكية ولا شيء عليك.

تم نسخ الرابط