ترقب لاجتماع "المركزي المصري": هل يُخفض أسعار الفائدة رغم التحذيرات؟

مع اقتراب موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، تتزايد التوقعات حول مصير أسعار الفائدة في ظل الأوضاع الاقتصادية المحلية والدولية المتقلبة.
ففي وقت يعتقد فيه البعض أن هناك فرصة لخفض أسعار الفائدة بشكل محدود بهدف تحفيز الاستثمار والتخفيف من الضغط على الموازنة العامة، إلا أن هناك تحذيرات من بعض الخبراء بسبب التحديات التضخمية الراهنة والظروف الجيوسياسية المزعزعة.
سيناريوهات متباينة حول خفض الفائدة
تتباين التوقعات بين الاقتصاديين بشأن اتجاه البنك المركزي المصري في اجتماعه المقبل. حيث أشارت الدكتورة حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، إلى أن هناك تقديرات تفترض احتمالية خفض أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 4%، بناءً على الرفع السابق لأسعار الفائدة.
لكنها أكدت أن الواقع الاقتصادي يعكس تحديات كبيرة أمام تنفيذ هذا السيناريو، أبرزها استمرار معدلات التضخم المرتفعة.
وأوضحت أن ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء كان له تأثير مباشر على تكاليف النقل والسلع والخدمات، وهو ما يضغط على مستويات معيشة المواطنين.
وفي هذا السياق، يُعد القرار بين الحفاظ على جاذبية شهادات الادخار عبر الفائدة المرتفعة أو تخفيف عبء التمويل على المستثمرين قرارًا صعبًا أمام صانعي القرار.
وأضافت رمسيس أن صندوق النقد الدولي قد أوصى بالتريث في خفض الفائدة، خوفًا من تراجع الإقبال على شهادات الادخار التي تُعتبر مصدرًا رئيسيًا لتمويل الدولة، خاصة بين كبار السن الذين يعتمدون عليها كمصدر دخل ثابت.
وأشارت إلى أن إذا تم خفض الفائدة، فمن المحتمل أن يكون ذلك تدريجيًا ومع أخذ الوضع الجيوسياسي في الحسبان.
تأثير ضعف الثقافة الاستثمارية
من ناحية أخرى، حذرت رمسيس من أن ضعف الثقافة الاستثمارية لدى العديد من المواطنين يُحد من قدرة الأسواق غير المصرفية على جذب المدخرات. وأوضحت أن أقل من 10% فقط من المصريين يستثمرون في البورصة، بينما يبقى الذهب والبنوك الخيارين الأكثر شيوعًا لحفظ الأموال.
وتعتبر هذه الملاحظة إشارة إلى أن هناك حاجة ماسة لتحفيز المواطنين على الاستثمار في أسواق المال وتعليمهم أهمية تنويع مدخراتهم، وهو ما يساهم في تحسين السيولة النقدية في الأسواق المالية.
الفيدرالي الأمريكي يُراقب الوضع العالمي
من جانب آخر، أكد الخبير الاقتصادي عز الدين حسنين أن قرار الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير يعكس استراتيجية حذرته في مراقبة الأوضاع السياسية والتضخمية العالمية.
وأوضح أن البنك الفيدرالي الأمريكي يتبع سياسة "الترقب والانتظار"، لمراقبة تأثير التوترات الجيوسياسية والاقتصادية على أسواق المال، مشيرًا إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيظل حذرًا في اتخاذ قرارات جديدة ما لم تظهر تغييرات جوهرية في معدلات التضخم أو نمو الاقتصاد.
توقعات خفض الفائدة بين 100 و200 نقطة أساس
فيما يرى الدكتور محمد راشد، أستاذ الاقتصاد، أن هناك احتمالًا قويًا لأن يتجه البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة بنحو 100 إلى 200 نقطة أساس في اجتماعه المقبل. ويستند هذا التوقع إلى تراجع معدل التضخم السنوي إلى نحو 15% في يونيو الماضي، وهو ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا نسبيا.
وأشار راشد إلى أن هذا الخفض المتوقع من شأنه تخفيف الأعباء على الموازنة العامة، خاصة وأن فوائد وأقساط الدين تشكل أكثر من 65% من الإنفاق العام في الدولة.
وأكد أن خفض الفائدة قد يُسهم أيضًا في تحفيز النشاط الاستثماري، خصوصًا في القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل القطاع العقاري الذي يشهد حالة من التباطؤ في الوقت الراهن.