عاجل

استهداف الكنائس في غزة.. رسالة إسرائيلية مهينة للفاتيكان وأوروبا عاجزة عن الرد

كنيسة
كنيسة

في الوقت الذي تتواصل فيه الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة، عاد إلى الواجهة ملف استهداف دور العبادة، لا سيما الكنائس والمؤسسات الدينية المسيحية، التي لم تسلم من آلة الحرب الإسرائيلية.

 القصف المتكرر الذي طال كنيسة دير اللاتين، والمستشفى الأهلي – التابع لمؤسسات دينية – يطرح تساؤلات عميقة عن دلالات هذا الاستهداف، خاصة في ظل صمت أوروبي وصفه خبراء بأنه "مهين" و"غير مبرر".

رسالة إذلال للفاتيكان والدول المسيحية

يرى الباحث والمحلل السياسي باسل ترجمان، أن استهداف الكنائس ليس مجرد نتيجة جانبية للحرب، بل هو فعل مقصود وممنهج يحمل أبعادًا سياسية ودينية بالغة الدلالة. ويقول في تصريحات خاصة:
"إسرائيل توجه رسائل واضحة إلى الفاتيكان والدول المسيحية في أوروبا الغربية، مفادها أنها لا تقيم وزنًا لمؤسساتهم الدينية أو رموزهم الحضارية، بل تتعمد إذلالها أمام العالم. هذه الاستهدافات المتكررة تُظهر مدى استخفاف إسرائيل بالقيم الإنسانية والدينية التي من المفترض أن تحظى بالحماية أثناء النزاعات المسلحة."

وأضاف ترجمان أن الرد الأوروبي على هذه الانتهاكات كان خجولًا إلى حد كبير، ولم يرقَ لمستوى الحدث، مشيرًا إلى أن "صمت الفاتيكان وعدد من العواصم الأوروبية الكبرى كشف عن عجز سياسي وأخلاقي في مواجهة إسرائيل، رغم تنامي الوعي الشعبي الأوروبي بحقيقة الجرائم المرتكبة في غزة."

الاتحاد الأوروبي شريك في العجز

من جانبه، وصف الخبير في الشؤون الأوروبية نزار الجليدي، الموقف الأوروبي من  استهداف إسرائيل للكنائس في قطاع غزة بـ«المخزي والمهين»، معتبراً أن ردود الفعل الأوروبية جاءت متناقضة ومحدودة، حيث اكتفت بالتصريحات الشكلية دون اتخاذ أي إجراءات فعلية تجاه الكيان الإسرائيلي.

وفي تصريحات خاصة لـ«نيوز روم»، أوضح الجليدي أن الاتحاد الأوروبي اتبع سياسة الكيل بمكيالين منذ بداية العدوان على غزة، من خلال التنديد العام باستهداف المدنيين، لكن دون أي عقوبات أو مواقف صارمة تجاه إسرائيل، مع استثناء بعض الدول مثل أيرلندا التي اتخذت مواقف تاريخية داعمة للفلسطينيين، كما أشار إلى التطور التدريجي في الموقف الإسباني.

تصفية عرقية ممنهجة


وأضاف المحلل السياسي أن استهداف الكنائس في غزة يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي لا يميز بين المسلم والمسيحي، ولا بين المسجد والكنيسة، وأن ما يحدث في الواقع هو تصفية عرقية ممنهجة تستهدف الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته.

وشدد الجليدي على أن صمت بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها إيطاليا التي طالما اعتبرت نفسها مدافعة عن الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط، يعد تجاوزًا للتواطؤ إلى حد التخلي الأخلاقي، خاصة مع قصف الكنائس التاريخية والأديرة التي تأوي نازحين في القطاع. وأشار أيضاً إلى غياب البابا ليو عن إدانة هذه الاعتداءات، خلافًا لسابقه البابا فرنسيس، ما يعكس تجاهلاً واضحاً لقضية استهداف المسيحيين في غزة.

ضغوط لوبيات داخلية
ولفت الجليدي إلى أن في المدى القريب، من غير المرجّح حدوث تغيير جذري في السياسة الأوروبية تجاه الاحتلال الإسرائيلي، هناك ضغوط لوبيات داخلية، وتحالفات استراتيجية مع الولايات المتحدة، تمنع أوروبا من تبنّي سياسة خارجية مستقلة تجاه إسرائيل.

الأصوات البرلمانية الرافضة للتواطؤ مع إسرائيل
لكن على المدى المتوسط، هناك ملامح بداية تحول، الرأي العام الأوروبي، وخصوصاً الشباب والكنائس والمنظمات الحقوقية، بدأ يخرج عن صمته، التظاهرات، حملات المقاطعة، وتزايد الأصوات البرلمانية الرافضة للتواطؤ مع إسرائيل، كلها مؤشرات على بداية تصدع في الجدار السياسي التقليدي.
وأكد المحلل السياسي أنه إذا استمرت إسرائيل في توسيع دائرة عدوانها لتشمل الرموز الدينية والمقدسات، فقد تجد أوروبا نفسها أمام خيار صعب، إما التواطؤ المكشوف، أو إعادة النظر في شراكتها مع دولة تمارس التصفية العرقية أمام أنظار العالم.
 

ويتفق كل من ترجمان والجليدي على أن استهداف الكنائس في غزة هو فعل سياسي بامتياز، يحمل رسالة إذلال وإهانة للمؤسسات الدينية الغربية، وأن أوروبا، رغم ما تمتلكه من أدوات تأثير، تقف عاجزة – أو متواطئة – أمام الانفلات الإسرائيلي، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للقيم التي طالما تغنت بها أوروبا كركائز للعدالة والحرية وحقوق الإنسان.
 

تم نسخ الرابط